الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ٱجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَآتَيْنَاهُ فِي ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ }

قوله: { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } شروع في ذكر ما يخص اليهود من التحريم، إثر بيان ما يحل لأهل الإسلام وما يحرم عليهم، وتحريم الشيء إما لضرر فيه، وإما لبغي المحرم عليهم، فأشار للأول بقوله: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ } الخ، وأشار للثاني بقوله: { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } الخ. قوله: { إِنَّ رَبَّكَ } لما بالغ في تهديد المشركين، وبين ما حل وما حرم، ذكر أن فعل تلك القبائح، لا يمنع من التوبة والرجوع والإنابة، بل باب التوبة مفتوح لكل كافر ما لم يغرغر، فهو ترغيب للكافر في الإسلام، وللعاصي في التوبة، والإقلاع عن الذنوب. قوله: { ٱلَّذِينَ } متعلق بمحذوف دل عليه خبر { إِنَّ } الآتية، تقديره ثم إن ربك لغفور رحيم للذين عملوا السوء، الخ. قوله: { بِجَهَالَةٍ } أي بسبب جهل العواقب وجلال الله، إذ لا يقع الذنب إلا من جاهل بالعواقب، أو جاهل بجلال الله، ولو علم قدر العقاب المدخر للعاصي، ما قدم على معصية قط. قوله: { مِن بَعْدِ ذَلِكَ } أي الشرك. قوله: (أو التوبة) أو لتنويع الخلاف في مرجع الضمير. قوله: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً } للمفسرين في معنى هذه اللفظة أقوال، قيل الأمة معلم الخير، أي إنه كان معلماً للخير، يأتم به أهل الدنيا، وقيل إنه كان مؤمناً وحده، والناس كلهم كفار، فلهذا المعنى كان أمة وحده، وقيل الأمة الذي يقتدى ويؤتم به، لأنه كان إماماً يقتدى به، وفي الأصل الأمة الجماعة، وإطلاق الأمة بمعنى الجماعة عليه، لجمعه أوصاف الكمالات التي تفرقت في الخلق، ومنه قول الشاعر:

وليس على الله بمستنكر   أن يجمع العالم في واحد
وقد ذكر الله في هذه الآيات من صفات إبراهيم، عشرة أوصاف حميدة. قوله: (مائلاً إلى الدين القيم) أي تاركاً لما عداه من الأديان الباطلة. قوله: { وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } هذا الوصف قد علم التزاماً منقوله: { حَنِيفاً } وإنما ذكره رداً على المشركين، حيث زعموا أنهم على ملة إبراهيم. قوله: { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ } أي صارفاً جميع ما أنعم الله به عليه، إلى ما خلق لأجله فهو معصوم عن الغفلة، وعن كل شاغل يشغله عن الله، ظاهراً وباطناً. قوله: { ٱجْتَبَاهُ } أي اختاره من دون خلقه، وهذا الوصف وما بعده، ناشىء من الله خاصة، لم يكن له فيه كسب، إشارة إلى أن ما نشأ عنه من الأخلاق الحميدة والأفعال الجميلة، باختيار الله له لا بنفسه. قوله: { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي دين قويم لا اعوجاج فيه. قوله: (فيه التفات عن الغيبة) أي إلى التكلم، إشارة إلى زيادة الاعتناء بشأنه. قوله: (هي الثناء الحسن) أي الذكر بخير. قوله: (في كل أهل الأديان) أي عند كل أهل الملل، فجميعهم يترضون عنه ولا يكفرون به، ويزعمون أنهم على ملته. قوله: { لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } أي من أكملهم وأعلاهم درجة، وهذا تتميم لقوله: { وَآتَيْنَاهُ فِي ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } فإن حسنة الدنيا لا تتم إلا بحسنة الآخرة.