الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } * { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }

قوله: (أبا الجن وهو إبليس) هذا أحد قولين، وقيل هو أبو الشياطين، فرقة من الجن لم يؤمن منهم أحد، والجان هو أبو الجن، وعلى هذا تكون الأصول ثلاثة: آدم وهو أبو البشر، وإبليس وهو أبو الشياطين، والجان وهو أبو الجن، وعلى ما مشى عليه المفسر يكونان أصلين فقط: آدم وإبليس. قوله: (هي نار لا دخان لها) أي ومنها تكون الصواعق. قوله: (تنفذ في المسام) أي تدخل فيها، للطف المسام وشدة حرارة النار، فإذا دخلت في الإنسان قتلته.

قوله: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ } { وَإِذْ } ظرف معمول لمحذوف، قدره المفسر بقوله: (اذكر) قوله: { مِّن صَلْصَالٍ } { مِّنْ } لابتداء الغاية. قوله: { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } أي صورته إنساناً كاملاً، معتدل الأعضاء والطبائع. قوله: { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } أي افضت عليه روحاً من الأرواح التي خلقتها، فصار بها حياً، وليس المراد النفخ حقيقة لاستحالته على الله. قوله: (وإضافة الروح إليه) أي كما يقال: بيت الله وناقة الله. قوله: { فَقَعُواْ } الفاء واقعة في جواب إذا، وقعوا فعل أمر من وقع يقع، بمعنى سقط وخر. قوله: (بالانحناء) أي لا بوضع الجبهة، وهذا أحد قولين، وقيل المراد بالسجود حقيقته، وآدم كالقبلة، والسجود لله، أو يقال إن السجود لذات آدم، وقولهم السجود لغير الله كفر، محله في غير ما أمر الله به، وأما في مثل هذا، فالكفر في المخالفة. قوله: (فيه تأكيدان) أي للمبالغة وزيادة الاعتناء، فبالتأكيد الأول اندفع توهم المجاز، وبالثاني استفيد أنهم سجدوا جملة واحدة، قوله: (كان بين الملائكة) أشار بذلك إلى صحة الاستثناء، ثم هم يحتمل أن يكون منقطعاً، لأنه لم يكن منهم حقيقة أو متصلاً، باعتبار أنه كان متصفاً بصفاتهم، وقيل إنه منهم، والتحقيق خلافه. قوله: { أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } استئناف مبين لكيفية عدم السجود.

قوله: { قَالَ } (تعالى). إن قلت: إن مكالمة الله تعالى بدون واسطة شرف وتعظيم، وإبليس ليس من أهل ذلك. أجيب: بأن محل كونها شرفاً إن كانت على سبيل الإكرام، وأما كلام الله تعالى لإبليس، فهو على سبيل الإهانة والطرد، فلم يكن تشريفاً. قوله: (ما منعك) الخ، حمله على هذا التفسير قوله في الآية الأخرىمَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ص: 75] ولذا قال: { لأَ } (زائدة) ويصح أن تكون غير زائدة، والمعنى أي شيء ثبت لك في عدم كونك مع الساجدين. قوله: (لا ينبغي لي) أي لا يصح ولا يليق. قوله: { لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ } الخ، أي وخلقتني من نار فأنا خير منه، لأن النار جسم لطيف نوراني، والصلصال جسم كثيف ظلماني، والنوراني خير من الظلماني، هذا وجه تكبره عن السجود، وادعائه الخيرية وهي مردودة، بأن آدم مركب من العناصر الأربع، بخلاف إبليس، وأيضاً فالفضل بيد الله يعطيه لمن يشاء.