الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيۤ أَرَانِيۤ أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ ٱلآخَرُ إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله: { وَدَخَلَ مَعَهُ } أي صحبته، والمعنى كانا مقارنين له في الدخول، وهذا مرتب على قول المفسر فسجن. قوله: (غلامان) تثنية غلام، وهو اسم للشخص من حين ولادته إلى أن يشب، وقوله: (للملك) أي ملك مصر، وهو الريان بن الوليد العمليقي. قوله: (أحدهما ساقيه) أي واسمه سرهم، وقوله: (والآخر) صاحب طعامه أي واسمه برهم، وسبب سجنهما: أن جماعة من أهل مصر، أرادوا قتل الملك، فجعلوا لهما رشوة، على أن يسما الملك في طعامه وشرابه، فأجابا، ثم إن الساقي ندم ورجع، والخباز قبل الرشوة وسم الطعام، فلما حضر الطعام بين يدي الملك، قال الساقي: لا تأكل أيها الملك، فإن الطعام مسموم، فقال الخباز: لا تشرب أيها الملك، فإن الشراب مسموم، فقال الملك للساقي: اشرب من الشراب فشرب، وقال للخباز: كل من الطعام فأبى، فأطعم من ذلك الطعام دابة فهلكت، فأمر بحبسهما، فاتفق أنهما دخلا مع يوسف. قوله: (فرأياه يعبر الرؤيا) أي ينشر علمه ويقول: إني أعبر الأحلام. قوله: (لنختبرنه) أي لنمتحننه ليظهر لنا حاله.

قوله: { قَالَ أَحَدُهُمَآ } أي بعد مضي خمس سنين من دخولهم السجن. قوله: { إِنِّيۤ أَرَانِيۤ } أرى تنصب مفعولين، الياء مفعول أول، وجملة { أَعْصِرُ خَمْراً } مفعول ثان. قوله: (أي عنباً) أي فتسميته خمراً من باب مجاز الأول أي عنباً يؤول إلى كونه خمراً، وفي القصة أنه قال: رأيت في المنام كأني في بستان، وفيه شجرة وعليها ثلاثة عناقيد من العنب، وكأن كأس الملك في يدي، فعصرتها فيه وسقيت الملك. قوله: { إِنِّي أَرَانِيۤ } أي رأيتني، فالتعبير بالمضارع استحضار للحال الماضية قوله: { أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً } وذلك أنه قال: رأيت في المنام كأن فوق رأسي ثلاث سلال، وفيها الخبز وألوان الأطعمة، وسباع الطير تنهش منها.

قوله: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي العالمين بتعبير الرؤيا وإنما قالا ذلك، لأنهما رأياه في السجن يعود المرضى، ويقوم الليل ويصوم النهار، ويصبر أهل السجن ويبشرهم، ويواسي فقيرهم، فكان يقول: اصبروا وأبشروا، فيقولون: بارك الله لنا فيك يا فتى، ما أحسن وجهك وحديثك، لقد بورك لنا في جوارك، فمن أين أنت؟ قال: أنا يوسف بن صفي الله يعقوب، ابن ذبيح الله إسحاق، ابن خليل الله إبراهيم، فقال له صاحب السجن: يا فتى والله لو استطعت لخليت سبيلك، ولكن سأرفق بك وأحسن جوارك، واختر أي بيوت السجن شئت. قوله: (مخبراً أنه عالم) أي لأجل أن يقبلوا عليه ويؤمنوا به، وهكذا ينبغي للعالم العامل، أن يظهر نفسه ليقتدي به ويؤخذ عنه، وإنما أخبرهما بذلك، توطئة لدعائهما إلى الإيمان.