الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } * { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } * { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } * { كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } * { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } * { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } * { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } * { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ }

قوله: (كلمة عذاب) أي كلمة يطلب بها العذاب ويدعى بها، على هذا فتكون الجملة إنشائية، سوغ الابتداء بها مع كونها نكرة، قصد الدعاء عليهم بالهلكة. إن قلت: كيف يدعو الله بذلك، مع أنه هو المنشئ للأفعال كلها؟ أجيب: بأنه طلب من نفسه إلحاق الويل لهم إظهاراً لآثار غضبه، كما يفعل الغضبان بمن غضب عليه، وتقدم ذلك. قوله: (أو واد في جهنم) أو لتنويع الخلاف، وعلى هذا فالجملة خبرية، ويكون { ويْلٌ } حينئذ معرفة لكونه علماً.

قوله: { لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } الهمز في الأصل الكسر، واللمز الطعن الحسيَّان، ثم خصا بالكسر لأعراض الناس والطعن فيهم، والتاء فيهما للمبالغة في الوصف، واطرد بناء فعلة بضم الفاء وفتح العين لمبالغة الفاعل، أي المكثر من الفعل، وإذا سكنت العين يكون المبالغة المفعول، يقال: رجل لعنة بفتح العين لمن كان يكثر لعن غيره، ولعنة بسكون العين إذا كان ملعوناً للناس، والهمز كاللمز وزناً ومعنى، وبابه ضرب. قال ابن عباس: هم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون العيب للبريء، وقال صلى الله عليه وسلم: " شر عباد الله المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبرآء العيب ". وعلى هذا القول فاللمزة تأكيد للهمزة، من باب التأكيد بالمرادف، كقولهم: حسن بسن، وعفريت نفريت، وقيل: إن معناهما مختلف، فقال مقاتل: الهمزة الذي يعيبك في الغيب، واللمزة الذي يعيبك في الوجه، وقيل: بالعكس. وقيل: الهمزة الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللمزة الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم. وقيل: الهمز باللسان واللمز بالعين، وقيل الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ، واللمزة الذي يكسر عينه ويشير برأسه ويرمز بحاجبيه، وهذه الأقوال كلها ترجع إلى الطعن وإظهار العيب، فيدخل في ذلك من يحاكي الناس في أقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليضحكوا منه. قوله: (وغيرهما) أي كلأخنس بن شريق، والعاص بن وائل السهمي، وجميل بن معمر، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهذا وعيد لمن يغتاب المسلمين، ولا سيما العلماء والصلحاء، ولكن يقال: هو مخلد في النار إن مات كافراً، وإلا فهو تحت المشيئة.

قوله: { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } بدل من كل. قوله: (بالتخفيف والتشديد) أي فهما سبعيتان، فقراءة التشديد تفيد التفاني والمبالغة، وفي الجمع بخلاف قراءة التخفيف، ونكر { مَالاً } للتعظيم. قوله: { وَعَدَّدَهُ } العامة على تشديد الدال الأولى، وقرئ شذوذاً بتخفيفها، والضمير إما عائد على المال والتقدير وجمع عدده أي أحصاه وعلمه، أو عائد على نفسه والمعنى جمع مالاً وجمع عدد نفسه من عشيرته وأقاربه، وعلى هذين الوجهين فـ { عَدَّدَهُ } اسم معطوف على { مَالاً } ، ويحتمل أن { عَدَّدَ } فعل ماض بمعنى عده، إلا انه غير مدغم. قوله: (وجعله عدة) الواو بمعنى أو، لأنهما تفسيران، فعلى الأول مأخوذ من العد، وعلى الثاني من العدة، بمعنى الاستعداد والإدخار لحوادث الزمن.

السابقالتالي
2