الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } * { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } * { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } * { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } * { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ }

قوله - عز وجل -: { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ }:

ذكر أهل التأويل أن هذه أول سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول وحي أوحي إليه.

وقيل: غير هذه هي الأولى.

ثم الإشكال أنه أمره بأن يقرأ باسم ربك الذي خلق، وحق هذا ونحوه إذا قيل له: اقرأ، أو افعل: ألا يقول مثل ما قيل له: اقرأ أو افعل؛ لأنه أمر في الظاهر إنما يكون عليه الائتمار بذلك، وكذلك قوله:قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } [الكافرون: 1]، و [،قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [الإخلاص: 1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } [الفلق: 1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } [الناس: 1]] وكذلك على هذا قوله:يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ... } [الأحزاب: 59] وأمثال ذلك، يجب ألا يقول هو مثل ما قيل له: { قُلْ } ، أو: { ٱقْرَأْ } ، ولكن يقول: " يأيها الكافرون " ، ويقول: " هو الله أحد " ، " أعوذ برب الفلق " ، " أعوذ برب الناس " ، هذا هو وجه الكلام ومعناه.

وجوابه أنه يحتمل وجوها:

أحدها: [أنه] أريد بهذا أن يكون قرآنا يقرأ هكذا في حق القراءة يبقى، ويثبت في المصاحف إلى آخر الدهر؛ ليعلم كيف قيل لرسول الله؟ وكيف أوحي إليه؟ وأنه لم يترك مما قيل له حرفا واحدا؛ ليكون حجة لرسالته وآية لنبوته، والله أعلم.

ويحتمل أن يكون كذلك على خلاف المفهوم من كلام الناس؛ لئلا يكون المفهوم من وحي السماء والمنزل منها كخطاب بعض بعضا، ولكن خلاف [المفهوم] منه.

والثاني: أن يكون الخطاب منه لكل أحد، ومن كل أحد لآخر، خاطب جبريل - عليه السلام - رسول الله صلى الله عليه وسلم به، وأمره أن يقرأ، ثم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره بذلك، وذلك الغير يقول لآخر كذلك؛ فيكون الخطاب منه لكل أحد، ومن كل أحد لآخر، والله أعلم.

وقوله - تعالى -: { بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } يحتمل أن يريد به [أي]: افتتح القراءة باسم ربك على ما جعل افتتاح كل شيء باسم الرب - تعالى - لينال بركة ذلك فيه.

والثاني: أن يكون ما ذكر على أثر اسم ربه، هو تفسير اسم ربه؛ حيث قال: { ٱلَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }؛ فيكون هذا تفسيرا لما ذكر من اسم ربه.

أو يكون قوله: { بِٱسْمِ رَبِّكَ } كما يقال: " أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت " ، وذلك الاسم مكتوم بين أسمائه.

ثم قوله: { بِٱسْمِ رَبِّكَ } يخرج إضافته إليه مخرج التعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وخصوصيته له؛ على ما ذكرنا أن إضافة خاصية الأشياء إلى الله - تعالى - تخرج مخرج تعظيم ذلك الخاص، من ذلك قوله: [

السابقالتالي
2 3