الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } * { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } * { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } * { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } * { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } * { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

قوله - عز وجل -: { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } ، معناه - والله أعلم -: إلى ما كنتم به تكذبون من عذاب الله تعالى، وهم كانوا يكذبون بالبعث وبالعذاب، لكن يقال لهم هذا بعد البعث؛ فهو منصرف إلى ما ذكرنا من العذاب.

وقوله - عز وجل -: { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ }:

ذكر أن ذلك الظل دخان يخرج من جهنم؛ فيظنون أنه ظل؛ فينطلقون إليه؛ رجاء أن ينتفعوا به.

وقوله - عز وجل -: { ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون أصله واحدا، ثم يتشعب منه شعب ثلاث:

وجائز أن يكون في الأصل ذا شعب ثلاث تأتي كل شعبة من ناحية، ثم تجتمع، فتصير شيئا واحدا.

وقوله - عز وجل -: { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ }:

أي: لا ينتفعون به ما ينتفع بالظل في الدنيا؛ لأن ظل الدنيا يهرب إليه لدفع الحر، أو ليسكن فيه؛ لأن ظل البيت مما يسكن فيه، وظل الشجر والحيطان؛ ليأووا إليه؛ للتروح، وذلك الظل لا يغني عنهم في الآخرة في دفع الحرارة ولا في غيرها.

وقوله - عز وجل -: { وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ }:

جائز أن يكونوا هربوا إلى ذلك الظل من اللهب؛ فيخبر أن ذلك الظل لا يدفع عنهم، أذى اللهب.

وجائز أن يكون [اللهب] في ذلك الظل، ويكون كثافة الظل ساترة عما فيها من اللهب؛ فيخبر أن سترها لا يمنع اللهب عن أن يمسهم إذا انضموا إلى الظل.

وقوله - عز وجل -: { إنها ترمي بشرر كالقَصَر } مفتوحة [الصاد]:

فالقراءة المعروفة قيل: يراد بالقَصْر: المعروف المبني باللبن والخشب.

وقيل: يراد بها قصور أهل البادية، وهي الخيام.

ومن قرأ بالنصب اختلفوا في تأويله:

عن ابن عباس - رضي الله عنه -: { كالقَصَر } قصر النخل؛ الواحدة: قصرة، وذلك أن النخلة تقطع قدر ثلاثة أذرع وأقصر وأطول، يستوقدون بها في الشتاء.

وقال بعضهم: هو أصل النخل المقطوع المنقعر من الأرض.

وقيل: هو أعناق النخيل.

وقيل: القصرة: اسم الخشبة التي تقطع عليها اللحوم، وتكسر العظام، تكون للقصابين.

وعن الحسن أنه قرأ مخففة { كالقَصْر }؛ غير أنه فسرها: أي: الجزل من الخشب؛ الواحد: قصرة؛ كقولك: تمرة وتمر، والله أعلم.

وفيه إخبار عن عظم شررها وقدرها خلافا لما عليه سائر الشرر في الدنيا؛ لأن شرر الدنيا لا يأخذ مكانا؛ بل يتبين ثم ينطفئ.

ثم جائز أن يكون بعض شررها في العظم كالخيام، وبعضه كالقصور، وبعضه كأصول الأشجار.

وقوله - عز وجل -: { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } قرئ: { جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } جماعة الجمل، وقرئ: { جمالات } جمع جمالة.

والصفر: قيل: السود، وإنما سميت السود: صفرا؛ لأن السود تعلوها الصفرة في الإبل، فتسمى بهما؛ يدلك قول القائل عليه:

السابقالتالي
2