الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } * { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } * { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ } * { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } * { لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } * { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } * { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } * { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلَٰئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِيمَٰناً وَلاَ يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ } * { كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } * { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } * { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }

قوله - عز وجل -: { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ }:

{ نُقِرَ }: أي: نفخ، و { ٱلنَّاقُورِ }: الصور، وهي كلمة كتب الأولين ذكرها هنا، { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } ، وقال في موضع آخر:فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } [الحاقة: 13]، وقال في موضع آخر:إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } [يس: 29].

فجائز أن يحمل هذا كله على التحقيق؛ فتتحقق الصيحة والزجرة والنقرة، ثم تعقبها الساعة.

وجائز أن يكون هذا على التمثيل؛ فيكون فيه إخبار عن سهولة ذلك الأمر وهونه على الله تعالى؛ لأن اللمحة والزجرة والنفخة والنقرة أمر سهل، لا يشتد على أحد.

أو يكون على تقصير الوقت على الذين ينفخ فيهم الروح، أي: الأرواح ترد عليهم في قدر النفخة، والزجرة، والصيحة؛ خلافا لأمر النشأة الأولى؛ لأنه في النشأة الأولى إنما نفخ فيه الروح بعد كونه نطفة في بطن أمه أربعين يوما، ثم علقة، ثم مضغة كذلك القدر من المدة، ثم نفخ فيه الروح بعد مدد وأوقات، وفي النشأة الأخرى ينفخ [الروح] بالقصر من المدة، وذلك قدر النفخة والزجرة والصيحة واللمحة، والله أعلم.

وإنما قلنا بأن التأويل قد يتوجه إلى التمثيل دون التحقيق، وإن ذكر في بعض الأحاديث تثبيت الصور والناقور؛ لأنها من أخبار الآحاد، وخبر الواحد يوجب علم العمل، ولا يوجب علم الشهادة، وفي تحقيق الصور والناقور ليس إلا الشهادة؛ لذلك لم يحصل الأمر على التحقيق والقطع لئلا نقطع الحكم على الشهادة.

ثم قد ذكرنا أن قوله: " إذا " جواب سؤال واقع عن تبيين وقت؛ كأنه قيل له: فاصبر إلى أن ينقر في الناقور.

أو يكون جوابا لقوله:قُمْ فَأَنذِرْ } [المدثر: 2]، أي: أنذرهم عما يحل بأهل الشر من العذاب بنقر الناقور.

أو يكون جوابا لقوله: { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } إذا نقر في الناقور.

أو كان السؤال واقعا عن أمر، لم يشر إلى ذلك الأمر، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } ذلك اليوم يوم رحمة للمؤمنين؛ إذ في ذلك اليوم يكرمون، وينالون عظيم الدرجات من ربهم، ولكن الله - عز وجل - ذكر ذلك اليوم في غير آي من كتابه، والأحوال التي تكون فيه، وإن كانت تلك الأحوال تنزل على غير المؤمنين، فمرة سماه: واقعة، ومرة: قارعة، ومرة: حاقة، وإنما يقع العذاب على الكفرة، ويحق عليهم؛ فلذلك سماه: عسيرا، وإن كان هو عسيرا على فريق، يسيرا على غيرهم.

وجائز أن يكون عسيرا على الخلائق أجمع، بعض هول ذلك اليوم يشمل الفرق كلها، كما قال:وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ } [الحج: 2]، ثم إن المؤمنين تفرج عنهم الأهوال بما يأتيهم من البشارات والكرامات عن الله تعالى، ويبقى عسره على أصحاب النار.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد