الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } * { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ }

قوله - عز وجل -: { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ }.

يعلم بالإحاطة أن هذا ونحوه خرج على الجواب لأسئلة كانت منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكن لسنا نعلم ما كانت تلك الأسئلة [التي] كانت من أولئك، حتى كان هذا جواباً لهم، فلا نفسر، ولكن نقف؛ مخافة الشهادة على الله.

ويحتمل: أن يكون جواباً لما ذكر في آية أخرى، وهو قولهم:لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ } [الإسراء: 90-91]، فقال: عند ذلك: { لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ } ، [وقال:] { وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } جواباً لسؤال [عن] وقت الساعة، أو وقت نزول العذاب.

وقوله - عز وجل -: { وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ } جواب لقولهم:أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ } [الإسراء: 93] فقال عند ذلك: لا أقول: إني أعلم الغيب؛ حتى أعلم وقت نزول العذاب أو قيام الساعة، ولا أقول: إني ملك حتى أرقى في السماء.

وقوله: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }.

أي: تعرفون أنتم أنه لا يستوي الأعمى، أي: من عمي بصره، والبصير: أي: من لم يعم بصره، فكيف لا تعرفون أنه لا يستوي من عمي عن الآيات ومن لم يعم عنها؟!

أو نقول: إذا لم يستو الأعمى والبصير، كيف يستوي من يتعامى عن الحق ومن لم يتعام؟! { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } أنهما لا يستويان.

وقوله - عز وجل -: { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }.

في آيات الله وما ذكركم.

أو نقول: { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } في وعظكم، بالله تعالى.

وقوله - عز وجل -: { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } [الأنعام: 51].

اختلف فيه:

قال بعضهم: هو صلة قوله: { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ... } الآية، أيئس الكفرة عما سألوا من الأشياء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بالإنذار الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم وهم المؤمنون، أي: يعلمون أنهم يحشرون إلى ربهم، وأن ليس لهم [ولي] يدفع عنهم ما يحل بهم، ولا شفيع يسأل لهم ما لم يعطوا.

وجائز أن يكون تخصيص الأمر بإنذار المؤمنين لما كان الإنذار ينفعهم ولا ينفع غيرهم، وليس فيه لا ينذر غيرهم؛ وهو كقوله:إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } [يس: 11] ليس فيه أنه لا ينذر من لم يتبع الذكر ولا خشي الرحمن ولكن أنبأ أنه إنما ينفع هؤلاء؛ كقوله تعالى:وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الذاريات: 55] أخبر أن الذكرى تنفع المؤمنين ولا تنفع أولئك، ينذر الفريقين: من اتبع، ومن لم يتبع، ومن انتفع، ومن لم ينتفع، ويكون قوله: { لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ } ، يعني: ليس لأولئك أولياء ولا شفعاء؛ لأنهم يقولون:

السابقالتالي
2 3 4