قوله - عز وجل -: { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ } وفي حرف ابن مسعود - رضي الله عنه -: (ربّاً)؛ كأن هذا صلة قوله:{ قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ } [الأنعام: 12] فإذا أقررتم أن ذلك كله لله فكيف تتخذون له شركاء فتعبدون غير الله وهو فاطر السماوات والأرض ومنشئهما ومنشئ ما فيهما، كيف صرفتم العبادة إلى غير الله؟ وقوله - عز وجل -: { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ }. قال أهل التأويل: هو يرزق ولا يرزق، ليس كمن له عبيد في الشاهد يرزق بعضهم بعضاً، الموالي من العبيد، والعبيد من السادات، ينتفع بعضهم من بعض، فأما الله - سبحانه وتعالى - خلق الخلق لا لمنفعة نفسه؛ لأنه غني بذاته، والخلق فقراء إليه؛ كقوله - تعالى -:{ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } [فاطر: 15]. وقوله - عز وجل -: { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ }. قال الحسن: أول من أسلم من قومه، وأصله: { إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أي: أمرت أن أسلم وأخضع أنا أولا، ثم آمركم بذلك. واحتج بعض الناس بظاهر هذه الآية أن الإسلام لا يلزم إلا بالأمر والدعاء إليه، وقالوا: إن من مات قبل أن يؤمر به، وقبل أن يدعي إليه - فإنه لا شيء عليه، وعلى ذلك من مات في وقت الفترة وانقطاع الرسل والوحي؛ لأنّه قال: { إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أخبر أنه أمر بذلك، وإذا لم يكن ثَمَّ أمر لم يلزم، لكن الوجه في الآية ما ذكرنا، أي: أمرت أن أسلم وأخضع أولا ثم آمر غيري، فإذا كان التأويل هذا بطل أن يكون في ذلك حجة لهم. وقوله - عز وجل -: { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }. قال ابن عباس - رضي الله عنه -: قل يا محمد لكفار أهل مكة: { إِنِّيۤ أَخَافُ } ، أي: أعلم { إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } فعبدت غيره، { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }. هذا التأويل صحيح إن كان ما ذكر من سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضهم المال عليه ليعود ويرجع إلى دينهم، فيخرج هذا على الجواب لهم. وقال بعضهم: قوله - تعالى -: { إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } على الخوف، لكن لقائل أن يقول: كيف خاف عذاب يوم عظيم وقد أخبر أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟! وكيف قال: { إِنْ عَصَيْتُ } وقد أخبر أنه عصمه وغفر له؟ قيل: يحتمل أن تكون المغفرة له على شرط الخوف، غفر له ليخاف عذابه. وقوله - عز وجل -: { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ } قال بعض المعتزلة: الرحمة هاهنا: الجنة؛ لأن الله - تعالى - جعل في الآخرة دارين؛ إحداهما: النار، سماها سخطاً.