الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } * { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } * { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } * { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }

قوله - عز وجل -: { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ } وفي حرف ابن مسعود - رضي الله عنه -: (ربّاً)؛ كأن هذا صلة قوله:قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ } [الأنعام: 12] فإذا أقررتم أن ذلك كله لله فكيف تتخذون له شركاء فتعبدون غير الله وهو فاطر السماوات والأرض ومنشئهما ومنشئ ما فيهما، كيف صرفتم العبادة إلى غير الله؟

وقوله - عز وجل -: { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ }.

قال أهل التأويل: هو يرزق ولا يرزق، ليس كمن له عبيد في الشاهد يرزق بعضهم بعضاً، الموالي من العبيد، والعبيد من السادات، ينتفع بعضهم من بعض، فأما الله - سبحانه وتعالى - خلق الخلق لا لمنفعة نفسه؛ لأنه غني بذاته، والخلق فقراء إليه؛ كقوله - تعالى -:أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } [فاطر: 15].

وقوله - عز وجل -: { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ }.

قال الحسن: أول من أسلم من قومه، وأصله: { إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أي: أمرت أن أسلم وأخضع أنا أولا، ثم آمركم بذلك.

واحتج بعض الناس بظاهر هذه الآية أن الإسلام لا يلزم إلا بالأمر والدعاء إليه، وقالوا: إن من مات قبل أن يؤمر به، وقبل أن يدعي إليه - فإنه لا شيء عليه، وعلى ذلك من مات في وقت الفترة وانقطاع الرسل والوحي؛ لأنّه قال: { إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } أخبر أنه أمر بذلك، وإذا لم يكن ثَمَّ أمر لم يلزم، لكن الوجه في الآية ما ذكرنا، أي: أمرت أن أسلم وأخضع أولا ثم آمر غيري، فإذا كان التأويل هذا بطل أن يكون في ذلك حجة لهم.

وقوله - عز وجل -: { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.

قال ابن عباس - رضي الله عنه -: قل يا محمد لكفار أهل مكة: { إِنِّيۤ أَخَافُ } ، أي: أعلم { إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } فعبدت غيره، { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }.

هذا التأويل صحيح إن كان ما ذكر من سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضهم المال عليه ليعود ويرجع إلى دينهم، فيخرج هذا على الجواب لهم.

وقال بعضهم: قوله - تعالى -: { إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } على الخوف، لكن لقائل أن يقول: كيف خاف عذاب يوم عظيم وقد أخبر أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟! وكيف قال: { إِنْ عَصَيْتُ } وقد أخبر أنه عصمه وغفر له؟

قيل: يحتمل أن تكون المغفرة له على شرط الخوف، غفر له ليخاف عذابه.

وقوله - عز وجل -: { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ } قال بعض المعتزلة:

الرحمة هاهنا: الجنة؛ لأن الله - تعالى - جعل في الآخرة دارين؛ إحداهما: النار، سماها سخطاً.

السابقالتالي
2 3 4