الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } * { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قوله - عز وجل -: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } قال جماعة من أهل التفسير: إنها نزلت في أوس بن الصامت - أخي عبادة بن الصامت - وامرأته، غير أنهم اختلفوا في اسم امرأته.

قال ابن عباس - رضي الله عنه -: كان اسمها خولة.

وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت جميلة.

وقال بعضهم بأنها كانت تسمى: خويلة على تصغير خولة.

وروي في بعض الروايات أنه كان سبب هذا القول من أوس لزوجته لما دعاها ليلة إلى فراشه، وكانت امرأتُهُ بحيث لا يحل له التمتع بها؛ فأبت عليه، وأرادت أن تخرج من البيت؛ فقال لها: " إن خرجت من البيت فأنت علي كظهر أمي " ، فخرجت، فلما أصبحت قال لها زوجها: ما أراك إلا قد حرمت علي، قالت: والله ما ذكرت لي طلاقا، قال: فَأْتي رسول الله صلى الله عليه وسلم واسأليه، فإني أستحي أن أسأله عن هذا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته، فنزلت فيهما هذه الآية.

وروي في بعض الأخبار أن أول من ظاهر [من] امرأته أوس، قال: وكان [به] لمم، فقال في بعض ضجراته ذلك القول، وهذا يرويه محمد بن كعب القرظي، لكنه لا يحتمل أن يكون أراد باللمم الجنون؛ لأن المجنون لو طلق امرأته لا يقع الطلاق فضلا أن يكون ظهاره ظهارا.

وتأويل قوله: " وكان به لمم " ، أي: فضل غضب وشدة؛ فكأنه لم يكن به حلم، ثم اختلفت الروايات في شأنها وشأن زوجها:

منهم من روي - وهو محمد بن كعب -: " أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إن أوسا أبو ولدي، وابن عمي، وأحب الناس إلي، وقال كليمة؛ والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا، قال: أنت علي كظهر أمي. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أراك إلا وقد حرمت عليه " قالت: يا رسول الله، لا تقل ذاك ما ذكر طلاقاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أراك إلا وقد حرمت عليه " ، وكررت المرأة ذلك، ويرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قالت: " اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي به، وما يشق علي من فراقه، اللهم أنزل على نبيك، فأنزل الله تعالى: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ... } إلى قوله: { فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } ".

وفي بعض الأخبار رواها الكلبي: " أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني يوم تزوجني وأنا شابة، ذات أهل كثير ومال كثير، فأكل شبابي حتى إذا كبرت عنده سني، وذهب أهلي، وتفرق مالي، وضعفت - جعلني عليه كظهر أمه، ثم تركني إلى غير شيء، وقد ندم وندمت؛ فهل من شيء يجمعني وإياه يا رسول الله؟! فقال - عليه السلام -: " أطلقك؟ " قالت: لا، قال: " ما أمرت في شأنك من شيء، فإن نزل علي في شأنك شيء أبينه لك " ، فرفعت يديها إلى السماء تدعوه وتتضرع إليه أن ينزل إليه بيان أمرهما، ثم خرجت من عنده، وأتت زوجها، فنزل جبريل - عليه السلام - بهذه الآية ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد