الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } * { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } * { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } * { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } * { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } * { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } * { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } * { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } * { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { وَحُورٌ عِينٌ } * { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } * { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } * { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً }

قوله - عز وجل -: { إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } هذا مما لم يبتدأ به الخطاب، وإنما هو جواب سؤال وخطاب لم يذكر؛ فيحتمل أن يكون المؤمنون ذكروا كراماتهم التي وعدوا في الآخرة، فقال لهم أولئك الكفرة: متى يكون ذلك لكم؟ فقالوا: إذا وقعت الواقعة؛ كما يسأل الرجل: متى يكون أمر كذا؟ فيقول: إذا كان كذا، فهو حرف جواب لسؤاله، وعلى هذا يخرج جميع ما ذكر في القرآن من هذا النوع؛ من نحو قوله تعالى:إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } [الزلزلة: 1] ونحو ذلك، وقوله: { ٱلْوَاقِعَةُ } كناية عنها، جائز أن يكون تأويله: إذا وقعت المثوبة والعقوبة؛ فتكون الواقعة كناية عنها.

وجائز أن تكون الواقعة: اسما من أسماء البعث: كالقيامة والساعة، وغير ذلك، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } ، قال بعضهم: أي: ليس لوقعتها مَثْنَويَّة ولا ترداد، يقال: حمل عليه فما كذب، أي: فما رجع.

وقال بعضهم: أي: هي حق، ليست بكذب.

وقال بعضهم: أي: لا يكذب بها أحد إذا وقعت، ليست كالآيات التي عاينوها في الدنيا مع ما عرفوا أنها آيات كذبوها؛ كقوله تعالى:وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } [الحجر: 14-15]، وغير ذلك يكذبونها مع العلم بأنها آيات، يقول تعالى: إذا عاينوا القيامة يقرون بها؛ ويصدقونها، ولا يكذبون بها؛ كقوله:أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } [فاطر: 37]، ونحوه.

ويحتمل أن يكون قوله: { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } ، أي: ليست الأنباء والأخبار التي جاءت على وقوعها وقيامها كاذبة بل هي صادقة.

وقوله - عز وجل -: { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } ، قال بعضهم: خافضة: تسمع القريب، رافعة: تسمع البعيد؛ وقال صاحب هذا التأويل: إن تفسير الواقعة هو الصيحة، وتلك خافضة رافعة.

وقال بعضهم: خافضة أناسا في النار ورافعة أناسا في الجنة.

ويحتمل خافضة لمن تكبر وتعظم على الخلق ورده، ورافعة لمن تواضع للخلق وانقاد له وقبله.

وقيل: خافضة لأهل النار في النار، كقوله تعالى:يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ } [القمر: 48]، ورافعة لأهل الجنة، كقوله:فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ } [القمر: 55]، وقوله:لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } [يونس: 2].

وقوله: - عز وجل -: { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } يخرج على السؤال، كأنهم لما سمعوا وصف القيامة والواقعة من المؤمنين، فقالوا عند ذلك: متى تكون الواقعة؟ فعند ذلك قال: { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } ، وهو كقوله:إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } [الزلزلة: 1]، فزلزلت حتى تلقي ما في بطنها.

وقوله - عز وجل -: { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } قيل: فتتت حتى تصير كالدقيق، ومنه يقال للطعام المبسوس والبسيسة: سويق يلت به الزيت والخلط.

وقال الحسن: { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ } أي: سيرت تسييرا.

السابقالتالي
2 3 4 5