الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُدْهَآمَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

قوله - عز وجل -: { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } فإن كانت الجنتان اللتان سبق ذكرهما للسابقين والصديقين، فهاتان اللتان ذكرهما هاهنا لأصحاب اليمين، على ما ذكره بعض أهل التأويل؛ فجائز أن يكون قوله: { وَمِن دُونِهِمَا } أي: في الفضل والقدر والمنزلة؛ لفضل أولئك على أصحاب اليمين.

وإن كانت الجنتان جميعا لكل فريق منهم؛ فجائز أن يكون قوله: { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } في المكان والموضع، لا في الفضل والقدر؛ فكأنه قال: من أي جهة وقع بصرهم يقع في جناتهم، من فوق ومن تحت، وعن يمين وشمال؛ أي يكونون وسط الجنات لا يحتاجون إلى التحويل من مكان إلى مكان؛ كقوله تعالى:لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } [الكهف: 108]، وعلى هذا يخرج قوله تعالى: { مُدْهَآمَّتَانِ } على ما ذكرنا هو شديد الخضرة الذي يضرب إلى السواد، فوصف هاتين دون وصف تينك الجنتين بقوله تعالى:ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } [الرحمن: 48] على التأويل الأول، وكذلك قوله تعالى: { عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } على ما ذكرنا: أنهما دون الجاريتين، وكذلك روي عن الفراء قال: العينان تجريان أفضل من النضاختين بقوله: { نَضَّاخَتَانِ }؛ لأنهما ينضخان بالخير والبركة لأهل الجنة.

وقيل: ينضخان بالماء وأنواع الفواكه.

وروي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: تنضخان بالمسك والعنبر، كما ينضخ طير الماء على بيوت أهل الدنيا.

وقوله - عز وجل -: { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } من الناس من احتج لأبي حنيفة - رحمه الله - فيمن حلف لا يأكل فاكهة، فأكل رمانا، لا يحنث في يمينه؛ لأنه احتج بهذه الآية في أن الرمان والرطب ليسا من الفاكهة؛ لأنه عطفهما على الفاكهة، والشيء لا يعطف على نفسه، إنما يعطف على غيره، هذا هو ظاهر الكلام، إلا أن تقوم الدلالة على أنه مراده بالذكر وإن كان من جنسه؛ لضرب من التعظيم وغيره؛ كقوله تعالى:مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ } [البقرة: 98] والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } قيل: الحسان الخلق وحسان الوجوه، يقال: امرأة خيرة، ونسوة خيرات؛ يقرأ بالتثقيل والتخفيف جميعا.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: لكل مؤمن خيرة، ولكل خيرة خيمة.

وقوله - عز وجل -: { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ }.

قيل: محبوسات في الخيام، لا يخرجن عن الخيام.

وأصله: ما ذكرنا أنهن يكن في الخيام لا يراهن غير أزواجهن، وقاصرات الطرف، أي: لا يرفعن بصرهن إلى غير أزواجهن ولا يشتهين غيرهم، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } هو قراءة العامة بغير الألف.

وعن عاصم الجحدري { رَفَارِفَ } و { عباقريّ } ، قيل: الرفرف: المجلس، وقيل: المجالس، وقيل: الرياض الخضر، وقيل: الخيام، وقيل: هو فضول الفرش والبسط.

السابقالتالي
2