الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } * { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } * { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } * { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } * { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَٱرْتَقِبْهُمْ وَٱصْطَبِرْ } * { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } * { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ } * { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } * { وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }

قوله - عز وجل -: { كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } ذكر أنباء الأوائل وما نزل بهم بالتكذيب، والعناد، وسوء معاملتهم الرسول - عليه السلام - وهو صلة قوله:وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ ٱلأَنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } [القمر: 4] تأويل الآية يخرج على الوجهين اللذين ذكرناهما.

وقوله - عز وجل -: { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } قيل: باردة.

وقيل: شديدة.

وقوله - عز وجل -: { فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ }؛ إذ استمر بهم العذاب - كما قال الله عز وجل -:سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } [الحاقة: 7].

وقيل: { مُّسْتَمِرٍّ } أي: ذاهب على الصغير والكبير، فلم تُبْقِ منهم أحداً إلا أهلكته.

وقوله - عز وجل -: { تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } من الناس من قال: لما اشتدت بهم الريح، تنادوا فيما بينهم: البيوت! فدخلوها، فدخلت الريح عليهم، فأخرجتهم من بيوتهم، وألقتهم في فنائهم؛ فذلك النزع.

ومنهم من قال: تنزع مفاصلهم فتلقيهم كأعجاز نخل منقعر؛ لأنهم كانوا أطول الخلق، فذكر أن كل رجل منهم كان طوله ستين ذراعا، والنخل لا يبلغ ذلك المقدار إلا بعد قطع المفاصل؛ فجائز التشبيه بأعجاز نخل منقعر بعد انتزاع مفاصلهم، والانقعار: هو الانقلاع.

قال أبو عوسجة: { مُّنقَعِرٍ } ، أي: منقطع ساقط.

ومنهم من قال: شبههم بأعجاز النخل؛ لعظم أعجازهم.

وقال بعضهم: شبههم بأعجاز النخل؛ لطولهم، ولكن ذلك بعد نزع مفاصلهم؛ لما ذكرنا.

وفي حرف حفصة - رضي الله عنها -: { تنزع [الناس] على أعقابهم }.

وقوله: { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ } فهو يخرج على ما ذكرنا من الوجهين، وكذا قوله: { وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }.

وقوله - عز وجل -: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } يحتمل الوجهين اللذين ذكرناهما:

أحدهما: { بِٱلنُّذُرِ } أي: بالرسل التي دعتهم إلى الإيمان بالله تعالى.

والثاني: كذبت بما وقعت به النذارة التي أخبرهم الرسل: أنها نازلة واقعة بهم، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ } ، لم يزل الأكابر من الكفرة والرؤساء منهم يلبسون على أتباعهم بهذا الحرف: { أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ } ، وقالوا:مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ } [المؤمنون: 33]، وقوله - تعالى -:وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ } [المؤمنون: 34]، ونحو ذلك، وذلك تناقض [في] القول؛ لأنهم كانوا ينهون أتباعهم عن اتباع بشر مثلهم ويدعونهم إلى اتباع آبائهم والاقتداء بهم، وهم أيضا بشر، وليس مع آبائهم حجج وبراهين، ومع الرسل حجج وآيات، فيكون تناقضا في القول ومعارضة فاسدة، والله الموفق.

وقوله - عز وجل -: { إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } ، قال بعضهم: السعر: الجنون؛ أي: لو اتبعنا بشرا منا، لكنا في ضلال وجنون، وهو مأخوذ من سعر النار؛ إذا التهبت، يقال: ناقة مسعورة، أي: كأنها مجنونة؛ من النشاط.

السابقالتالي
2 3 4