الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } * { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } * { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } * { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ }

قوله - عز وجل -: { وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }.

فيما ذكر من قصة موسى، ولوط، وقصة إبراهيم، وقصة هود، وثمود، وهذه الأشياء تفسير لقوله تعالى -:وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } [الذاريات: 20]، ثم الآيات في الأرض من وجهين:

أحدهما: فيما خلق في الأرض من الخلائق.

والثاني: فيما في الأرض من أنباء السلف وأخبارهم من مكذبي الرسل ومصدقيهم، أي: في هلاك من هلك من مكذبيهم، ونجاة من نجا من مصدقيهم آيات لمن ذكر، فهذه الأنباء والقصص التي ذكرت هاهنا تفسير لقوله:وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } [الذاريات: 20].

وقوله - عز وجل -: { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } هذا يخرج على وجهين:

أحدهما: أي: فتولى هو وركنه، وهم جنوده وقومه عن اتباع موسى - عليه السلام - وما يدعوهم إليه.

والثاني: فتولى هو بقوة ركنه، وهم قومه، أي: تولى عن الحق واتباع موسى - عليه السلام - بقوة قومه ومعونتهم، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ }.

سماه: ساحراً بما أتى من الآيات المعجزة، وقومه إنما يعرفون وصف السحر على هذا الوجه، فسماه بذلك وإن أيقن هو أن مثل ذلك الفعل لا يكون سحراً؛ تمويها على قومه، وسماه مجنوناً، لما خاطر بنفسه بمخالفته، مع علمه أن همته القتل لمن خالفه في دينه وملكه.

وقوله - عز وجل -: { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ }.

وهذا يدل على أن تأويل قوله تعالى: { فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } أي: تولى هو، وتولى قومه وجنوده.

وقوله - عز وجل -: { فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ }.

قال بعضهم: { مُلِيمٌ } ، أي: يلام عليه.

وقال بعضهم: { مُلِيمٌ } أي: هو مذموم.

وقال القتبي: هو مذنب.

ثم دل قوله تعالى: { فَنَبَذْنَاهُمْ } على أن لله تعالى في أفعال العباد صنعا؛ حيث أضاف ذلك إلى نفسه، وهم الذين دخلوا في اليم.

وقوله - عز وجل -: { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا }.

أي: في أمر عاد بينة وآية وعبرة للمؤمنين؛ كقوله تعالى:وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } [الذاريات: 20].

وقوله - عز وجل -: { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } ، أي أهلكوا بالريح، وقد بلغ من عتوهم أن قالوا:مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } [فصلت: 15]، فأذلهم الله تعالى حتى خضعوا لأضعف شيء، وأخافهم منه، وهي الأصنام التي عبدوها، حتى خوفوه وقالوا:إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ } [هود: 54] وذلك غاية الذل والهوان، أن خافوا من أضعف شيء وأعجزه، بعدما بلغ من عتوهم وتمردهم أن قالوا:مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } [فصلت: 15].

ثم قوله - عز وجل -: { ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ }.

قال أبو عوسجة: تفسيرها ما ذكر في الآية: { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ }.

السابقالتالي
2