الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } * { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوۤاْ إِيمَٰناً مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً } * { وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } * { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }

قوله - عز وجل -: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } قال بعضهم: هو فتح مكة.

وقال بعضهم: هو صلح الحديبية الذي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة حين صدوهم عن دخولهم مكة، وحالوا بينه وبين زيارة البيت، وكان له فيها - أعني: في قصة الحديبية - أمران وآيتان ظاهرتان عظيمتان:

أحدهما: أنه أصابه ومن معه من أصحابه عطش، فأتى بإناء ماء، فنبع من ذلك الإناء من الماء مقدار ما شرب منه زهاء ألف وخمسمائة، حتى رووا جميعاً؛ فذلك آية عظيمة حسّية على رسالته.

والثاني: أخبر بغلبة الروم فارس، وذلك علم غيب، وكان كما ذكر وأخبر؛ فدل أنه إنما علم ذلك بالله تعالى.

وقصة الحديبية: روي عن رجل يقال له: مجمع بن حارثة قال: " شهدت الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذ الناس يوجفون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ قال: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فخرجنا نوجف مع الناس حتى وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً عند كراح الغميم - اسم موضع - فلما اجتمع إليه بعض ما يريد من الناس قرأ عليهم: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } قال: قال رجل من أصحاب رسول الله: أو فتح هو يا رسول الله؟ قال: " إي والذي نفسي بيده إنه بفتح " قال: ثم قسمت الحديبية على ثمانية عشر سهماً، وكان الجيش ألفاً وخمسمائة ".

وفي بعض الأخبار: " أنه الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، ولم نر قتالا، ولو نرى لقاتلنا، قال: فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر - رضي الله عنه - فأقرأها إياه، فقال: يا رسول الله، فتح هو؟ قال: " نعم ".

وعن عامر " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالحديبية، فأنزل الله - تعالى -: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } فقال رجل: إنه فتح هو؟ قال: " نعم ".

وعن جابر أنه قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية.

وكذلك روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: نزلت هذه الآية: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } بالحديبية.

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: لم يكن في الإسلام فتح أعظم من صلح الحديبية، وضعت الحرب أوزارها، وأمن الناس كلهم، ودخل في الإسلام في السنتين أكثر مما كان دخل قبيل ذلك، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من الحديبية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6