الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } * { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَـٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله - عز وجل -: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } أي: بينات أنها من الله تعالى.

أو بينات: واضحات، ما يبين لهم ما عليهم مما لهم، وما لبعض على بعض وما لله عليهم.

وقوله - عز وجل -: { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } يحتمل أن يكون الحق الذي قالوا: إنه سحر، هو تلك الآيات البينات التي ذكر أنها بينت عليهم قالوا لها: إنها سحر، ودل قولهم: إنها سحر، على أنها كانت معجزات خارجات عن وسعهم، حيث نسبوها إلى السحر.

وقوله - عز وجل -: { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } هذا حرف المنابذة، يقول: إن افتريته فلا تملكون أنتم دفع عقوبة ذلك الافتراء عن نفسي، وهو كقوله تعالى:أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي } [هود: 35] يقول: علي إثم ذلك وجرمه، وإنما يقال هذا عند انتهاء الحجج والبراهين غايتها، حتى لا يطمع منهم القبول والنجع فيهم، ويؤيس منهم، فعند ذلك يقال وينابذ، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } أي: بما تخوضون فيه، يقول هذا ويذكر؛ لئلا يقولوا ولا يدعوا غفلته عن ذلك؛ بل يذكرهم أنه كان عالماً بما يسرون ويعلنون.

وقيل: { تُفِيضُونَ } من قولهم: أفاضوا، إذا علموا وتحدثوا؛ وهو قول القتبي.

وقوله - عز وجل -: { كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } يخرج على وجهين:

أحدهما: أي: يشهدون في الآخرة: أنّه قد بلغ رسالته.

والثاني: أي: كفى به شهيداً بيني وبينكم في الدنيا بما علم ما كان منهم من الشرك والتكذيب، ومني من التبليغ، فهو شاهد بما كان مني ومنكم في الدنيا من سرّ وعلانية، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } ذكر هذا في هذا الموضع على إثر ما ذكر من غاية سفههم وتعنتهم - والله أعلم - كأنه يقول: إنكم وإن بلغتم في السفه ما بلغتم فإنكم إذا رجعتم عن ذلك وتبتم يغفر لكم ما كان منكم، والله أعلم.

ثم قوله - عز وجل -:وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [الأحقاف: 5] إن كان على حقيقة العبادة فهو صلة قوله:قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ... } الآية [الأحقاف: 4]؛ يقول - والله أعلم -: ومن أضل ممن يعبد من لا يملك ما ذكر من خلق الأرض، ولا له شرك في السماوات وما ذكر، وترك عبادة من خلق السماوات، وخلق الأرض، وشهد كل شيء له بذلك، وأتى بالحجج والبراهين على ذلك؛ أي: لا أحد أضل ممن ترك عبادة من هذا وصفه، وصرف العبادة إلى الذي لا يملك شيئاً من ذلك، والله أعلم.

السابقالتالي
2 3 4