الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

قوله - عز وجل -: { وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ }.

هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: أي: اذكر نبأ أخي عاد، وهو هود - عليه السلام - بما عامله قومه من سوء المعاملة، وما قاسى هو منهم؛ لتتسلى بذلك [عن] بعض ما عامل به قومك معك، والله أعلم.

والثاني: واذكر نبأ عاد بما نزل بهم من العذاب والاستئصال بتكذيبهم الرسل، والاستكبار عليهم، والاستهزاء بهم؛ لتحذر به قومك في تكذيبك والاستهزاء بك، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ } أي: خوف قومه بالأحقاف.

وقد اختلف في تأويل الأحقاف:

[قال بعضهم]: هو اسم أرض خوفهم بنزول العذاب هنالك.

وقال بعضهم: هي جبال من رمل مستطيلة مرتفعة.

وقال القتبي: الأحقاف: واحده: حقف، وهو الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى.

وقال أبو عوسجة: الأحقاف: رمل بشحر عمان، وهي منازل عاد فيما زعموا وشحر تلاوة.

وقيل: الحقف: تل معوج.

وقال بعضهم: الأحقاف: الجبل حين نضب الماء زمان الغرف كان ينضب عن المكان من الجبل ويبقى أثره، وينضب من مكان أسفل من ذلك ويبقى أثره دون ذلك؛ فذلك الأحقاف.

وقيل - أيضاً -: الأحقاف: جبل بالشام.

وقيل: هو المكان الذي كان منازل عاد ومقامهم، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي: خلت الرسل من قبل هود [و]من بعده، عليه الصلاة والسلام.

وقوله - عز وجل -: { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } كأن الخطاب بهذا وقع للكل؛ يقول: ثم الرسل - عليهم السلام - ينذرون قومهم بأنواع العذاب عند تكذيبهم إياهم، ولم يزل الرسل - عليهم السلام - من قبل ومن بعد، دعوا الناس إلى عبادة الله - تعالى - ونهوهم عن عبادة غيره.

وقوله - عز وجل -: { إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } يحتمل قوله: { أَخَافُ عَلَيْكُمْ } حقيقة الخوف؛ لما لم ييئس من إيمانهم واتباعهم إياه؛ لذلك لم يقطع فيهم القول بنزول العذاب بهم، والله أعلم.

ويحتمل أن يكون الخوف هو العلم حقيقة؛ أي: أعلم أن ينزل بكم عذاب يوم عظيم إن ختمتم على ما أنتم عليه، وقد يذكر الخوف في موضع العلم.

وقوله: { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا } أي: قالوا لهود - عليه السلام -: أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا.

وقال بعضهم: لتردّنا عن عبادة آلهتنا.

وقال بعضهم: لتكذبنا في آلهتنا، والإفك: الكذب؛ وكله واحد.

وأصل الإفك: الصرف؛ كأنهم قالوا: أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } كانوا يقولون ذلك استهزاء به منهم، ولم يزل الكفرة يسألون ويستعجلون العذاب الذي كانوا يوعدون استهزاء منهم وتكذيباً بما يوعدون، والله أعلم.

السابقالتالي
2 3 4 5