الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } * { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } * { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } * { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ }

قوله - عز وجل -: { حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } قد ذكرنا تأويله فيما تقدم.

وقوله - عز وجل -: { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } قال أهل التأويل: إنا أنزلنا الكتاب - أي: القرآن - في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالتفاريق.

ويحتمل أن تكون الهاء راجعة إلى قوله: { حـمۤ } أي: قضى ما هو كائن على ما قال بعض أهل التأويل: إن ما قضى في كل سنة من الموت والحياة والرزق ونحو ذلك ينزل في ليلة القدر نسخها الملائكة الذين وكلوا على ذلك، فهذا يحتمل.

ويحتمل أن تكون الهاء راجعة إلى ما ضمن في قوله: { حـمۤ } على ما أراد به، والله أعلم.

ويحتمل أنه أراد بهذا إنزال شيء وأمر في ليلة القدر، عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فيخبر أنه أنزل ذلك ولم يبينوا لنا ذلك؛ لما لا حاجة لنا إلى معرفته.

وقالت الروافض في قوله - تعالى - { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ }: إن الله - تعالى - أنزل شيئاً على رسوله، يكون ذلك الشيء على رأسه وعلى رءوس الأئمة الذين يكونون بعده بحيث يروا ذلك دون غيرهم، إذا استقبلهم أمر أو بدا لهم شيء، نظروا في ذلك الشيء، [و] عرفوا ما احتاجوا، وما يكون لهم من الصلاح، أو كلام نحو هذا.

وأما عند أهل التأويل هو ما ذكرنا راجع إلى ذلك الكتاب المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إلى ما ذكرنا من تضمين ما ضمن في قوله: { حـمۤ } ، وكذلك قالوا - أيضاً - في قوله:إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } [القدر: 1]، وقوله: { فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } وهي ليلة القدر، سماها: مباركة، وقد سمى المطر والماء المنزل من السماء [مباركا]؛ كقوله - تعالى -:وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً } [ق: 9]، وكذلك الأرزاق المنزلة من السماء والمستخرجة من الأرض مباركة بقوله:بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [الأعراف: 96] والمبارك هو الذي عنده يدرك كل الخيرات، والبركة: هي اسم كل خير يكون أبداً على الزيادة والنماء، فسمى تلك الليلة: مباركة؛ لما جعل فيها من الخيرات والبركات.

وقوله - عز وجل -: { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }.

يحتمل { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } للخلق إذا أنشئوا وبلغوا المبلغ الذي يستوجبون الإنذار.

ويحتمل { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } الخلق بالرسل؛ هذا هو الظاهر؛ أن هذا القول من الله تعالى - والله أعلم - قال: { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } بالقرآن بما أنزل علي.

وقوله - عز وجل -: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }.

يحتمل: أي: يفصل ويبين كل أمر هو كائن في ليلة القدر.

ويحتمل: أي: يبين في ليلة القدر كل ما يكون في تلك السنة.

السابقالتالي
2