قوله - عز وجل -: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ... } الآية. قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: لو كانت علينا نزلت يا رسول الله، لبدأت بنفسي وأهل بيتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذَاكَ لفَضْلِ يَقِينِكَ عَلَى يَقِينِ النَّاسِ، وَإِيمَانِكَ عَلَى إِيمَانِ النَّاسِ ". وعن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية قال رجل من الأنصار: والله، لو كانت علينا لقتلنا أنفسنا، فقال [النبي صلى الله عليه وسلم]: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيدِهِ لَلإِْيمَانُ أَثْبَت فِي صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ الجِبَالِ الرَّوَاسِي ". وقيل: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ... } الآية: هم يهود [تغنا العرب] كما أمر أصحاب موسى، عليه السلام. وقيل: قال عمر - رضي الله عنه - ونفر معه: والله لو فعل ربنا لفعلنا، فالحمد لله الذي لم يجعل بنا ذلك، فقال [رسول الله] صلى الله عليه وسلم: " لَلإِْيمَانُ أَثْبَتُ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ مِنَ الجِبَالِ الرَّوَاسِي ". ثم اختلف في قتل الأنفس. قال بعضهم: هو أن يقتل كلٌّ نفسَهُ. وقال آخرون: هو أن يأمر أن يقتل بعض بعضاً، وأما قتلُ كلٍّ نفسَهُ فإنه لا يحتمل لوجهين: أحدهما: وذلك أنه عبادة شديدة مما لا يحتمل أحد؛ كقوله - تعالى -:{ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } [البقرة: 286] أخبر أنه لا يكلف ما لا طاقة له. والثاني: أن فيه قطع النسل وحصول الخلق للإفناء خاصة، وذلك مما لا حكمة في خلق الخلق للإفناء خاصة. وقوله - عز وجل -: { مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } ، قيل: هو عبد الله بن مسعود، وعمار، وفلان، وفلان - رضي الله عنهم - ولا ندري أيصح أم لا؟ ولو كان قوله - تعالى -: { أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } قتل بعض بعضاً فذلك ما أمروا به بمجاهدة العدو، والإخراج من المنزل، والهجرة، ثم أخبر أنهم لا يفعلون ذلك إلا قليل منهم. وقوله - عز وجل -: { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } يحتمل هذا وجهين: لو فعلوا ما يؤمرون به من الإسلام والطاعة لكان خيراً لهم من ذلك. ويحتمل: لو أنهم فعلوا ما يؤمرون به من القتل لو كتب عليهم، لكان خيراً لهم في الآخرة، { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } قيل: حقيقة. وقيل: تحقيقاً في الدنيا. وقيل: ما يوعظون به من القرآن. { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } في دينهم. { وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً } يعني: تصديقاً بأمر الله. وقوله - عز وجل -: { وَإِذاً لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً } يحتمل وجهين: الأجر العظيم في الآخرة. ويحتمل: في الدنيا؛ كقوله: