قوله - عز وجل -: { وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَٰغَماً كَثِيراً وَسَعَةً }. قيل: المراغم: المذهب والملجأ، وسعة في الرزق، أي: يجد في الأرض، وفي غير الأرض التي هم فيها - ما ذكر. وقيل: المراغم: المتزحزح، أي: يجد متزحزحاً عما يكره وبراحاً. وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: المراغم: التحول من أرض إلى أرض، والسعة في الرزق. وقيل: من الضلالة إلى الهدى، ومن العيلة إلى الغنى. وقيل: المراغم: المهرب. وقيل: لما نزلت هذه الآية سمعها رجل وهو شيخ كبير - وقيل: إنه مريض - فقال: والله ما أنا ممن استثنى الله؛ وإني لأجد حيلة، والله لا أبيت الليلة بمكة؛ فخرجوا به يحملونه حتى أتوا به التنعيم، فأدركه الموت بها؛ فصفق يمينه على شماله، ثم قال: اللَّهُمَّ هذه لك وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعت عليه رسولك. ومات؛ فنزل فيه: { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ } أي: وجب أجره. وقيل: إنه لما سمع الرجل أن الملائكة ضربت وجوه أولئك وأدبارهم، وقد أدنف للموت، فقال: أخرجوني؛ فاحتمل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انتهى إلى عقبة، فتوفي بها؛ فأنزل الله هذه الآية، والله أعلم بذلك. وفي قوله: { إِلاَّ ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَانِ } - دلالة أن إسلام الولدان إذا عقلوا إسلامهم - إسلامٌ، وكفرهم كفر؛ لأنه تعالى استثناهم وعذرهم في ترك الهجرة؛ فلو لم يكن إسلامهم إسلاماً، ولا كفرهم كفراً - لكان مقامهم هنالك وخروجهم منها سواءً، ولا معنى للاستثناء في ذلك؛ إذا لم يكن عليهم خروج، والله أعلم.