الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } * { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } * { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله - عز وجل -: { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } اختلف في قوله: { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } أهو على حقيقة النفخ أم لا؟

قال بعضهم: ليس هنالك نفخ ولا شيء، وإنما ذكر النفخ عبارة عن خفة الأمر على الله - عز وجل - [كقوله]:وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [النحل: 77]وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27].

وقال بعضهم: ليس نفخاً، إنما هو عبارة عن قدر نفخة: أنه يحيي ويميت على قدر النفخة؛ لأن أسرع شيء في الدنيا هي النفخة.

وقال بعضهم: هو على حقيقة النفخة من غير أن كانت النفخة سبباً للإحياء والإماتة، ولكن على جعل النفخة علماً وآية للإحياء أو الإماتة، امتحن بذلك الملك الذي كان موكلا به، على ما امتحن ملك الموت بقبض الأرواح في أوقات جعلت له؛ فعلى ذلك ما ذكر من النفخة، والله أعلم.

ثم اختلف في الصور أيضاً:

قال بعضهم: هو صور الخلق فيها ينفخ، وإلى ذلك [ذهب] جميع أهل الكلام.

وقال [بعضهم]: ليس هو صور الخلق، ولكن إنما هو قرن؛ لأنه قال: الصور، ولم يقل: صُوَر بالتثقيل، وإنما ذكره بالتخفيف، وهو القرن، وذكر صور الخلق بالتثقيل صُوَر؛ حيث قال:فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ } [غافر: 64] فلسنا ندري أيهما يقال جميعاً أم لا الصُّور والصُّوَر، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ } قال عامة أهل التفسير والتأويل: الصعق: هو الموت.

وقال بعضهم: الصعق: هو الغشيان؛ كقوله - عز وجل -:وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً } [الأعراف: 143] أي: مغشيّاً عليه؛ ألا ترى أنه قال - عز وجل -:فَلَمَّآ أَفَاقَ } [الأعراف: 143] يفاق من الغشيان، ولا يفاق من الموت، والله أعلم بذلك.

وقوله - عز وجل -: { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } اختلف فيه؛ قال بعضهم: إنما استنثى الشهادة الذين استشهدوا في الدنيا، والله أعلم.

وقال بعضهم: { إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } هو جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ }:

قال بعضهم: تكون ثلاث نفخات: نفخة تحملهم على الفزع:وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ... } الآية [النمل: 87]، ثم الأخرى يموتون بها، والثالثة يحيون بها، وعلى هذا يروى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينفخ ثلاث... " ذكر كما ذكرنا، والله أعلم.

وقال بعضهم: نفختان؛ على ما ذكر في هذه الآية: إحداهما: يموتون، والثانية: يحيون بها، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } يحتمل { بِنُورِ }: الذي أنشأه الله - عز وجل - لها وجعله فيها، ليس أن يكون لذاته نور أو شيء يضيء، ويكون قوله - عز وجل -: { بِنُورِ رَبِّهَا } كقوله - عز وجل -:

السابقالتالي
2 3 4 5