الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } * { رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } * { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } * { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } * { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } * { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } * { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } * { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ }

قوله - عز وجل -: { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ }.

ليس عليَّ مما حملتم شيء، إنما ذلك عليكم إنما عليَّ الإنذار لكم فقط.

وقوله - عز وجل -: { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ }.

يقول - والله أعلم -: ما من إله عندي دونه بإله، إنما الإله هو الواحد القهار الذي تفرد وتوحد بربوبيته وألوهيته، قهر الخلائق كلهم بقدرته.

وقوله - عز وجل -: { رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ }.

يخبر عن غنائه وسلطانه يقول - والله أعلم -: تعلمون أنه رب السماوات والأرض ومنشئهما ومنشئ ما بينهما، فلا يحتمل أن ما يأمركم به وينهاكم عنه، إنما يأمركم لحاجة نفسه أو لمنفعة له، ولكن إنما يأمر وينهى لمنفعة أنفسكم ولحاجتكم.

أو يقول: تعلمون أنه هو ربكم ورب ما ذكر من السماوات والأرض وما بينهما، فكيف تعبدون من تعلمون أنه ليس بربكم ولا إله، وإنما الإله ما ذكر فتتركون عبادته وطاعته؟!

وقوله - عز وجل -: { ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ }.

أي: لا يلحقه الذل بذل أوليائه وخدمه؛ لأنه عزيز بذاته لا بأحد ليس كملوك الأرض يذلون إذا ذل أولياؤهم وأتباعهم؛ لأن عزهم بأوليائهم وأتباعهم فإذا ذلوا ذل من كان عزه بهم، فأما الله - سبحانه وتعالى - فعزيز بذاته لا يلحقه الذل بذل أوليائه ولا هلاكهم.

وقوله - عز وجل -: { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } ، له تأويلان:

أحدهما: أن هذا القرآن الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأ عظيم أنتم عن التفكر فيه والنظر معرضون؛ لأن فيه ذكر ما نزل بالمكذبين بالتكذيب والعناد، وفيه ذكر من نجا منهم بم نجا؟ وفيه ذكر ما يؤتى وما يتقى، وفيه ذكر البعث وذكر الجنة والنار ونحوه، وذكر ما لهم وما عليهم، فهم عن التفكر فيه والنظر معرضون ما لو تفكروا فيه وتأملوا، لأدركوا كله ووصلوا إلى معرفة كل ما فيه مما ذكرنا، والله أعلم.

والثاني: قوله - عز وجل -: { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } أي: البعث والحشر هو نبأ عظيم أنتم عن السعي والعمل لذلك معرضون تاركون.

فمن جعل تأويله على البعث والحشر يجعل الإعراض عن السعي له والعمل لذلك اليوم، ومن حمل تأويله على القرآن يجعل الإعراض عن التفكر فيه والنظر، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ... } الآية.

اختلف في الملأ الأعلى: قال عامة أهل التأويل: الملأ الأعلى هم الملائكة الذين تكلموا في آدم - عليه السلام - حين قال لهم الرب - عز وجل -:

السابقالتالي
2 3 4 5 6