الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } * { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } * { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } * { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } * { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ }

قوله - عز وجل -: { صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ }.

قال بعضهم: { صۤ } لنا هو اسم تلك السورة التي ذكر، وكذلك قوله:قۤ وَٱلْقُرْآنِ } [ق: 1] وكذلك جميع الحروف المقطعات، ولله أن يسمي ما شاء بما شاء وبأي اسم شاء.

وقال بعضهم لنا: هو أسماء الرب، تبارك وتعالى.

وقال بعضهم لنا: هو فواتح السورة، وقد ذكرنا أنه يفسره ما ذكر على أثره، وقد ذكرنا في غير موضع ما قيل في الحروف المقطعة.

وقال بعضهم: صاد، أي: عارض بالقرآن.

قال أبو عبيدة: صاد: من المصاداة.

وقال الزجاج: صاد بالقرآن، أي: قاتل به، وحارب بالقرآن.

وقال بعضهم: صاد بالقرآن، أي: ناد بالقرآن.

وقيل: أقبل بالقرآن ونحوه، والله أعلم.

وقال بعضهم: هو قسم أقسم بقوله: { وَٱلْقُرْآنِ }.

وقوله - عز وجل -: { ذِي ٱلذِّكْرِ }.

يحتمل ذي الشرف، سماه ذكرا؛ لأن كل شريف يذكر في كل ملأ من الخلق، أو سماه: ذكراً؛ لما يذكرهم كل ما لهم وما عليهم وما يؤتى وما يذر، والله أعلم.

وقال بعضهم: ذي البيان.

وقوله - عز وجل -: { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ }.

" ذكر أن أبا طالب كان مريضاً فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده وعند رأسه مقعد رجل، فقال أبو جهل، فجلس فيه وعنده ملأ من قريش، فشكوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب، فقالوا: إنه يقع في آلهتنا، قال: يا بن أخي، ما تريد منهم؟ قال: " يا عم، إني أريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب ويؤدي إليهم بها العجم الجزية " ، قال: وما هي؟ قال: " لا إله إلا الله " ، فقال أبو جهل: أجعل الآلهة إلهاً واحداً " ، بذلك أخبرهم " العزة " التي ذكر حيث قال: { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ }.

وقوله: { فِي عِزَّةٍ }.

قال بعضهم: منعة معاندين ممتنعين.

وقال بعضهم: { فِي عِزَّةٍ } في حمية واعتزاز، والحمية هي التي تحمل على الخلاف والمعصية، والله أعلم.

ثم اختلف في موضع القسم هاهنا:

قال بعضهم: القسم في قوله: { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } قيل: في قوله: { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ } بوجهين:

أحدهما: أن هذا في كل كافر ومشرك ينادي عند موته وهلاكه، ويسأل ربه الرجوع والعود إلى الدنيا ليؤمن؛ كقوله:حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ * لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا... } [المؤمنون: 99-100]وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } الآية [المنافقون: 10] ونحوه، لكن لم ينفع ذلك النداء والغوث والسؤال التأخير على ما أخبر أنه إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.

السابقالتالي
2 3 4