الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } * { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله: { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ }.

قال بعضهم: أقبلت الإنس على الجن.

وقال بعضهم: أقبلت الإنس على الشياطين، فقالوا لهم: { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } ، قال بعضهم: من قبل الخير والطاعة؛ فتسهوننا وتشغلوننا.

وقال بعضهم: من قبل الدين والتوحيد من حيث يحترس، وهو الأوّل.

وقال بعضهم: من قبل الحق ونحوه.

فرد عليهم أولئك: { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }.

يقولون: إنكم تركتم الإيمان بأنفسكم وباختياركم لا إنا منعناكم منعا عنه.

وقالوا: { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ }.

أي: ما كان لنا عليكم من حجة أو برهان ألزمناكم به، بل أطعتمونا طوعاً واستجبتم لنا فيما دعوناكم، فهذه المناظرة والمجادلة فيما بينهم كمناظرة إبليس في موضع آخر حيث قال - عز وجل -:وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } [إبراهيم: 22] موعديوَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [إبراهيم: 22] أي: دعوتكم بلا حجة ولا برهان فاستجبتم لي؛ فعلى ذلك يقول هؤلاء: { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } باختياركم ترك الإيمان بلا سلطان ولا حجة كان عليكم، وكمناظرة القادة مع الأتباع حيث قال:وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } [الأعراف: 39] ونحوه، والله أعلم.

ويحتمل قوله: { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } أي: من جهة القوة، أي: إنكم على الحق وإنكم مؤمنون ونحو ذلك.

ويحتمل لا على حقيقة اليمين، ولكن تأتوننا من كل جهة؛ كقوله:ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ... } الآية [الأعراف: 17]، أي: من كل جهة لا على حقيقة ما ذكرنا، والله أعلم.

وقد ذكرنا أن قوله - عز وجل -: { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } أن قوله: { سُلْطَانٍ } أي: لم يكن لاتباعكم إيانا وطاعتكم لنا حجة أو برهان أقمناه عليكم فيما دعوناكم إليه، [وإنما كان] اتباعاً من غير أن ألزمناكم؛ فلا تلومونا ولكن لوموا أنفسكم.

{ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ }.

أي: بطغيانكم اتبعتمونا لا بما ذكرتم، والله أعلم.

ثم قالوا: { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ }.

يشبه أن يكون هذا قول الأكابر منهم والمتبوعين للأصاغر والأتباع منهم: أن حق علينا قول ربنا؛ قال بعضهم: أي: وجب علينا وعليكم عذاب ربنا.

ويشبه أن يكون القول الذي أخبروا أنه حق عليهم هو قوله:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [هود: 119].

وقوله: { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ }.

يحتمل أن تكون هذه المعاتبة التي ذكرت كانت بين الأتباع والمتبوعين من الإنس؛ كقوله - عز وجل -:وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } كذا [سبأ: 33]،قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ... } كذا [سبأ: 32]؛ وكقوله:

السابقالتالي
2 3