الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ يسۤ } * { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } * { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } * { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ }

قوله - عز وجل -: { يسۤ * وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ }.

عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: يا إنسان، يعني: يا محمد أقسم به: يا محمد، إن هذا القرآن من عند الله نزل، وهو بلسان الحبشة.

وقال بعضهم: وهو بلسان طيئ.

وقتادة يقول: قسم، أقسم بالقرآن: إنك لمن المرسلين، ويقول: كل هجاء في القرآن فهو اسم من أسماء القرآن.

وقال بعضهم: هو من فواتح السورة.

وقال بعضهم: فواتح يفتتح بها كلامه.

وقال بعضهم: اسم من أسماء الرب.

وعن معاذ بن جبل وكعب - رضي الله عنهما - قالا: { يسۤ } قسم أقسم الله به يا محمد، { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } دل أن الخطاب به على أثر قوله: { يسۤ } على أنه هو المراد بقوله: { يسۤ }؛ إذ لا يستقيم الخطاب بقوله: { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } إلا على سبق خطاب له وذكر اسمه.

وقال عكرمة: هو حرف من الهجاء الذي افتتح به السور كسائر حروف الهجاء.

وقال بعضهم: هو من حروف الهجاء التي أقسم الله بها، بما يتلو تلك الحروف من القرآن والآيات والكتاب؛ إذ من عادة العرب القسم بكل ما عظم خطره وجل قدره.

فإن قيل: كيف أقسم بالقرآن وهم كانوا ينكرون القرآن أنه من عند الله؟!

قيل إنهم وإن كانوا ينكرونه، فقد عظم قدره وجل خطره عندهم بما عجزوا عن إتيان مثله بعد قرع أسماعهم بقوله:قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ... } الآية [الإسراء: 88] ونحوه.

والثاني: أقسم به وإن كانوا ينكرونه؛ لما أن قسمه به يحملهم على السؤال عنه؛ إذ كانوا لا يقسمون إلا بما عظم قدره وجل خطره، يقولون: ما هذا القرآن الذي أقسم ربنا به؛ ألا ترى أنه قال: { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } ، فكأنه على سؤال خرج على هذا أنه { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } ، وأن يكون القسم به وبغيره من الأشياء التي عظم خطرها عندهم، على إضمار القسم برب هذه الأشياء وبإلهها؛ هذا على قول من يقول بأن القسم بالله حقيقة لا بتلك الأشياء - مستقيم، وعلى قول من يجعل القسم بها لا على الإضمار هو ما ذكرنا.

وقوله: { ٱلْحَكِيمِ }.

أي: المُحْكَم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه على ما وصف.

وقال بعضهم: المحكم بالحلال والحرام، والوعد والوعيد، من غير أن يكون فيه اختلاف.

وقال بعضهم: الحكيم؛ لأن من تمسك به وعمل بما فيه يصير حكيماً.

وقوله: { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }.

ولم يقل: إنك لرسول الله، وكلاهما سواء، غير أن قوله: { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } الذين آمنوا بهم من قبل وصدقوا بهم [ففيه] زيادة، ليس ذلك في قوله: (إنك لرسول)، والله أعلم.

السابقالتالي
2 3 4 5