الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً } * { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً }

قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }.

ذكر في بعض الحديث: أنه لما نزلت هذه الآية، قيل له: يا رسول الله، هذا لك فما لنا؟ فنزل قوله:هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ... } الآية [الأحزاب: 43]: قد بين ما صلاته وصلاة الملائكة؟ وهو ما ذكر من إخراجهم من الظلمات إلى النور، وهو دعاؤهم إلى الهدى والرشد، وذكر عن كعب بن عجرة قال: " لما نزل { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } قمت إليه، فقلت: يا رسول الله، السلام قد عرفناه؛ فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: " قل: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ".

ففي الآية الأمر للمؤمنين أن يصلوا على النبي، ثم لما سئل هو عن كيفية الصلاة عليه وماهيتها؟ قال لهم: أن تقولوا: " اللهم صل على محمد " ، وهو سؤال أن يتولى الرب الصلاة عليه.

وفي ظاهر الآية: هم المأمورون بتولي الصلاة بأنفسهم عليه، لكنه - صلوات الله [عليه] - لما أمروا بالصلاة عليه، وهي الغاية من الثناء، لم ير في وسعهم وطاقتهم القيام بغاية ما أمروا به من الثناء عليه - أمرهم أن يكلوا ذلك إلى الله ويفوضوا إليه، وأن يسألوه ليتولى ذلك هو دونهم؛ لما [لم] ير في وسعهم القيام بغاية الثناء عليه، وإلا ليس في ظاهر الآية سؤال الرب أن يصلي هو عليه؛ ولكن فيها الأمر: أن صلوا أنتم عليه، والله أعلم.

وقوله: " كما صليت وباركت على إبراهيم وآله ": تخصيص إبراهيم من بين غيره من الرسل يحتمل ما ذكره أهل التأويل: إنه ليس من أهل دين ومذهب إلا وهو يدعي ويزعم أنه على دينه ومذهبه، وأنه يتأسّى به؛ لذلك خصّه بالصلاة عليه من بين غيره من الأنبياء وجائز أن يكون لا لهذا؛ ولكنه لمعنى كان فيه وفي ذريته، لا نعرفه نحن؛ فخصّه بذلك من بين غيره، والله أعلم.

وقوله: " وبارك على محمد " البركة كأنها اسم كل خير يكون أبداً على النماء والزيادة في كل وقت، وقد ذكرنا فيما تقدم ما قيل في صلاة الله عليهم وصلاة الملائكة وصلاة المؤمنين.

وقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ }: اختلف فيه:

قال بعضهم: نزلت الآية في اليهود؛ حين قالوا:يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ } [المائدة: 64]، وهوفَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } [آل عمران: 181]، وفي النصارى؛ حين قالوا:

السابقالتالي
2 3 4