الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } * { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } * { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً }.

يحتمل قوله: { شَٰهِداً } على تبليغ الرسالة يشهد لهم بالإجابة له إذا أجابوه، ويشهد عليهم إذا ردوه وخالفوه.

وقال بعضهم: { شَٰهِداً } على أمتك بالتصديق لهم، وقيل: { شَٰهِداً } عليهم بالبلاغ.

وقوله: { وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } ، أي: يبلغ إليهم ما يكون لهم البشارة إن أطاعوه، ويبلغ إليهم أيضاً ما يستوجبون به النذارة إذا خالفوه، والبشارة هي: إخبار عن الخيرات التي تكون في عواقب الأمور الصالحة، والنذارة: إخبار عن أحزان تكون في عواقب الأمور السيئة، أو نحوه من الكلام.

وقوله: { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ }.

يحتمل قوله: { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ } إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله، أو إلى دار السلام؛ كقوله:وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } [يونس: 25]، أو إلى ما يدعو الله إليه.

وقوله: { بِإِذْنِهِ } ، قيل: بأمره.

وقوله: { وَسِرَاجاً مُّنِيراً }: اختلف فيه:

قال بعضهم: هو صلة قوله: { إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } ، وجعلناك { وَسِرَاجاً مُّنِيراً }؛ فالسراج المنير هو الرسول على هذا التأويل.

وقال بعضهم: السراج المنير هو القرآن، يقول: أرسلناك داعياً إلى الله وإلى السراج المنير، وهو هذا.

وقوله: { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً }.

فيه دلالة أن البشارة إنما تكون بفضل من الله، لا أنهم يستوجبون بأعمالهم شيئاً من ذلك، والله أعلم.

وقوله: { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ }.

هذا قد ذكرناه في أول السورة.

وقوله: { وَدَعْ أَذَاهُمْ }.

هذا يحتمل: أعرض عنهم، ولا تكافئهم بما يؤذونك.

أو أن يقول: { وَدَعْ أَذَاهُمْ } ، أي: اصبر على أذاهم.

وقوله: { وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ } ، أي: اعتمد بالله.

{ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً } ، أي: كفى بالله معتمداً.

أو أن يقال: كفى بالله وكيلا، أي: حافظاً أو مانعاً، والله أعلم.