الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } * { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }

قوله - عز وجل -: { الۤـمۤ }.

قد ذكرنا تأويله في صدر الكتاب.

وقوله: { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ }.

الكتاب المطلق: كتاب الله، والدين المطلق: دين الله، والسبيل المطلق والطريق المطلق: سبيل الله وطريقه.

وقوله: { لاَ رَيْبَ فِيهِ }.

أنه منزل من الله؛ لأنه أنزل على أيدي الأمناء البررة: لم يغيروه ولا بدلوه ولا حرفوه.

أو يقول: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أنه ليس بمخترق ولا مخترع ولا مفتري من عند الرسول؛ بل منزل من عند رب العالمين.

أو { لاَ رَيْبَ فِيهِ }: لا شك؛ على ما يقول الناس لكل محكم من الأمر مبين، والله أعلم.

{ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.

العالم: هو اسم جنس من الخلق وجوهر منه، و { ٱلْعَالَمِينَ }: جمعه؛ فيدخل في ذلك الأولون والآخرون الذين يكونون إلى آخر ما يكونون؛ ففيه أنه يوصف - جل وعلا - أنه رب لكل ما كان ويكون، ومالك ما كان وما يكون؛ كقوله:مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [الفاتحة: 4]: أخبر أنه مالكه، وهو بعد ما لم يكن، أعني: ذلك اليوم.

وقوله: { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ }.

قوله: { أَمْ يَقُولُونَ } هو استفهام وشك في الظاهر، لكنه من الله يخرج على تحقيق إلزام وإيجاب أو تحقيق نفي، على ما لو كان ذلك من مستفهم ومسترشد: كيف يجاب له ويقال فيه؟ فإنما يقال للمستفهم: لا أو بلى؛ فعلى ذلك هو من الله على تحقيق إثبات وإيجاب، أو تحقيق نفي؛ إذ لا يحتمل الاستفهام والسؤال؛ كقوله:أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } [النجم: 24]؛ كأنه قال: ليس للإنسان ما تمنى؛ فعلى ذلك كأنه قال - هاهنا -: بل يقولون: { ٱفْتَرَاهُ } ، ثم رد ما قالوا: إنه افتراه؛ فقال:

{ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ }.

يحتمل قوله: { هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ }: ليس بمخترع ولا مخترق ولا مفتري من محمد؛ بل منزل من عند الله، على ما ذكرنا في قوله: { لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.

أو هو الحق من ربك، ليس بكلام البشر ولا في وسعهم إتيان مثله؛ فهو الحق منهلاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ... } الآية [فصلت:42].

وقوله: { لِتُنذِرَ قَوْماً }.

أي: لتنذر بالكتاب الذي أنزل قوماً.

{ مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ }.

هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: على الجحد، أي: لتنذر قوماً لم يأتهم نذير، وهم أهل الفترة الذين كانوا بين عيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام.

والثاني: لتنذر قوماً: الذين قد أتاهم من نذير من قبلك، وهم آباؤهم وأجدادهم الذين كانوا من قبله، الذين قد أتاهم نذير من قبله، والله أعلم.

وقوله: { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }.

هذا - أيضاً - يحتمل وجهين:

أحدهما: لتنذر قوماً؛ لكي تلزمهم به حجة الاهتداء.

والثاني: لتنذر قوماً؛ على رجاء وطمع أن يهتدوا، والله أعلم.

وقوله: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ }.

السابقالتالي
2 3 4 5