الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ الۤمۤ } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } * { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } * { مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَاءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

قوله: { الۤمۤ * ٱللَّهُ }.

قال بعضهم: تفسيره ما وصل به من قوله:الۤـمۤ * ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [البقرة: 1-2]: هو تفسير { الۤـمۤ } ، و { الۤمۤ * ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }: تفسير { الۤـمۤ } ، والۤمۤصۤ * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ } [الأعراف: 1-2]، وجميع ما وصل به الحروف المقطعة فهو تفسيرها، ولله أن يسمي نفسه بما شاء: سمى نفسه مجيداً؛ كقوله:ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } [البروج: 15]، وسمىّ القرآن مجيداً؛ كقوله:بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } [البروج: 21].

وقال بعضهم: الحروف المقطعة هي مفتاح السورة.

وقال آخرون: إن كل حرف منها اسم من أسماء الله تعالى.

ومنهم من يقول بأنها من المتشابه التي لا يوقف عليها.

ومنهم من يقول: هو على التشبيب؛ إذ من عادة العرب ذلك، وقد مضى الكلام فيه في قوله:الۤـمۤ * ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [البقرة: 1-2] بما يكفي.

وقوله: { ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ }:

هو الحيُّ بذاته، وكل حيٍّ سواه حيُّ بحياة هي غيره، فإذا كان هو حيّاً بذاته لم يوصف بالتغاير والزوال، ولما كان كل حيٍّ سواه حيّاً بغيره احتمل التغاير والزوال؛ وكأن الحياة عبارة يوصف بها مَنْ عَظُمَ شَأْنُهُ، وشَرُفَ أمره عند الخلق.

ألا ترى أن الله - تعالى - وصف الأرض بالحياة عند نباتِها؛ لما يعظم قدرها ويشرف منزلتها عند الخلق عند النبات؟! وكذلك سمى المؤمن حيّاً؛ لعلوّ قدره عند الناس، والكافر ميتاً؛ لدون منزلته عند الناس؛ فكذلك الله - سبحانه - سمى [نفسه] حيّاً؛ لعظمته وجلاله وكبريائه؛ وعلى هذا يخرج قوله في الشهداء؛ حيث قال:وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ } [البقرة: 154]، أي: مكرمون معظمون مشرفون عند ربّهم.

وقوله: { ٱلْقَيُّومُ } ، قال بعضهم: هو القائم على كل نفس بما كسبت.

وقال آخرون: القيوم: الحافظ.

وفي حرف ابن مسعود - رضي الله عنه -: " هو الحيّ القيام " وكله يرجع إلى واحد: القائم.

والقيوم، والقيام، يقال: فلان قائم على أمر فلان، أي: يحفظه حتى لا يغيب عنه من أمره شيء.

وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: " إنَّ اسمَ اللهَ الأَعْظَمَ هَوَ: الحيُّ القَيُّومُ ".

وقوله: { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ }.

ظاهر.

{ بِٱلْحَقِّ }

قيل فيه بوجوه: يحتمل بالحق، أي: دعاء الخلق إلى الحق، ويحتمل بالحق، أي: هو الحق نفسه حجة مجعولة، وآية معجزة، أيس العرب عن أن يعارضوه أو يأتوا بمثله، وتحقق عند كُلٍّ أنهُ من عند الله، إلا من أعرض عنه، وكابر وعاند.

وقيل: بالحق، أي: بالصِّدق والعدل.

وقيل: بالحق الذي لله عليهم، وما يكون لبعضهم [على بعض].

ثم قال: { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ }.

أي: موافقاً لما قبله من الكتب السماوية، وهي غير مختلفة ولا متفارتة، وفيه دلالة نبوة [سيدنا] محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبر أنه موافق لتلك الكتب غير مخالف لها، ولو كان على خلاف ذلك لتكلفوا إظهار موضع الخلاف؛ فإذا لم يفعلوا ذلك دل أنهم عرفوا أنه من الله، وأن محمداً رسوله، لكنهم كابروا وعاندوا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6