قوله: { لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يحتمل وجهين: يحتمل: { لاَّ يَتَّخِذِ } ، أي: لا يكونون أولياء لهم، وإن اتخذوا أولياء؛ بل هم لهم أعداء؛ كقوله:{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ... } [المجادلة: 22] إلى آخر الآية. ويحتمل: على النهي، أي: لا تتخذوا أولياء؛ كقوله:{ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ } [الممتحنة: 1]؛ وكقوله:{ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ } [المائدة: 51]. وقوله: { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً }: اختلف فيه: قيل: إلا أن يكون بينكم وبينهم قرابة ورحم؛ فتصلون أرحامهم من غير أن تتولوهم في دينهم، على ما جاء عن علي - [رضي الله عنه] - " أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات أبوه أبو طالب -: " إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ تُوفيِّ " ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اذْهَبْ فَوَارِهِ ". ويحتمل قوله: { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ } على أنفسكم { مِنْهُمْ تُقَـٰةً } ، إلا أن تخافوا منهم فتظهروا لهم ذلك مخافة الهلاك، وقلوبكم على غير ذلك. وعن ابن عباس - رضي الله عنه -: " التَّقِيَّةُ: التَّكَلُّمُ بِاللِّسَانِ، وَقَلْبُه مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ". وقوله: { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ }: قيل: عقوبته. [وقيل: نقمته؛ يقول الرجل لآخر: احذر فلاناً، إنما يريد نقمته وبوائقه؛ فعلى ذلك قوله: { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } عقوبته]. وبوائقه، التي تكون من نفسه لما يكن ذلك به لا بغيره، والله أعلم. وقوله: { قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ }: يحتمل: ما تخفوا من ولاية الكفار وتبدوه - يعلمه الله، فيه إخبار أن في قلوبهم شيئاً. ويحتمل: أن يكون أراد جميع ما يخفون ويبدون { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } الآية.