قوله - عز وجل -: { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ }
هذا يدل أن الوعد لهم كان مقروناً بشرط السؤال؛ لأنه قال: { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ } ، والاستجابة تكون على أثر السؤال؛ كقوله - عز وجل -:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ... } الآية [البقرة: 186].
وقوله تعالى: { أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ }.
قيل: من الخلق كلهم، لكن جعل جزاء أعمال الكفرة في الدنيا؛ كقوله تعالى:{ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } [هود: 15] وأمَّا المؤمنون: في الدنيا والآخرة، وأمّا الكفار فإنما يعطيهم ابتداء ليس بجزاء.
وقوله - عز وجل -:{ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ } [هود: 15] ، أي: نردها عليهم، وهم لا يبخسون أرزاقهم.
وقيل: قوله: { مِّنْكُمْ } - إشارة إلى المؤمنين خاصَّة؛ كقوله - عز وجل -:{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } الآية [التوبة: 71].
وقوله - عز وجل -: { فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي... } الآية:
الذين هاجروا: إلى الله تعالى ورسوله طوعاً، { وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ } ، أي: اضطروهم حتى خرجوا من ديارهم فهاجروا، { وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي } ، أي: في طاعتي، { وَقَـٰتَلُواْ }: حتى { وَقُتِلُواْ }.
ويحتمل هذا كله أنْ هاجر بَعْضٌ طوعاً، وبعض أُخرجوا من ديارهم حتى هاجروا، وقاتل بعضٌ حتى قتلوا، وقاتل بعض ولم يُقْتلوا، وقُتِل بعض.
وقوله: { وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ... } الآية.
تأويلها ظاهر.