الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } * { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ }

قوله: { لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ... } الآية:

أي: لا سواء بين من آمن منهم - يعني: من أهل الكتاب - ومن لم يؤمن منهم؛ لأن منهم من قد آمن؛ فصاروا أمّة قائمة؛ قيل: عادلة، كقوله:وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } [الأعراف: 159].

وقيل: أمة قائمة على حدود الله، وفرائضه، وطاعته، وكتابه؛ لم يحرفوه.

وقيل: أمة قائمة مهتدية، وهم الذين آمنوا منهم.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: { أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ آنَآءَ ٱللَّيْلِ } أمة محمد صلى الله عليه وسلم يصلون، ولم يكن هذا للأمم السالفة.

وفي حرف حفصة: " ليس أهل الكتاب ليسوا منهم أمة قائمة "؛ كقوله - تعالى -:أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ * أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ... } كذا:وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ... } الآية [السجدة: 18-20].

وقوله: { وَهُمْ يَسْجُدُونَ }:

يحتمل قوله: { وَهُمْ يَسْجُدُونَ }: أي: يصلون.

ويحتمل { يَسْجُدُونَ }: يخضعون، والسجود: هو الخضوع.

يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } [آل عمران: 114]:

أي: يؤمنون بأنفسهم، ويأمرون غيرهم بالإيمان، ويدعون إليه، { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } ، يعني: الكفر.

ويحتمل { وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ }: كل معروف، { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ }: كل منكر، وقد ذكرنا هذا.

{ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ }: في الخيرات كلها.

{ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }: وقيل: مع الصالحين في الجنة.

قال الشيخ - رحمه الله -: أي: ومَنْ ذلك فعله - فهو صالح.

وقوله: { وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ }.

أي: لن يرد ذلك عليكم؛ بل يقبل؛ بل تجزون به في الآخرة.

قال الشيخ - رحمه الله -: أي: كيف يَكْفُرُهُ، وهو الشكور الذي يقبل اليسير، ويعطي الجزيل؟!.

هو في حرف حفصة: " فلن تتركوه ": أي: لن تتركوه دون أن تُجزوا عليه؛ وإن قل ذلك؛ كقوله:وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا } [النساء: 40] معناه - والله أعلم - ما ذكر،وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } [محمد: 35].

وقيل: لن يظلمكم.

وقيل: لن ينقصكم.

وقيل: فلن يضل عنكم؛ بل يشكر ذلك لهم، يعني: فلن يضيع ذلك عند الله، والله أعلم.

{ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ }: ظاهر.