قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } ، وذلك أنهم كانوا يستنصرون بأولادهم وأموالهم في الدنيا، ويستعينون بهما على غيرهم؛ فظنوا أنهم يستنصرون بهم في الآخرة، ويدفعون بهم عن أنفسهم العذاب؛ وهو كقولهم:{ وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [سبأ: 35]؛ فأخبرهم الله - عز وجل - أن أموالكم وأولادكم لا تغني عنكم من عذاب الله شيئاً. وقوله: { وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ }: أي: حطب النار؛ فهو - والله أعلم - أن الإنسان إذا وقع في النار في هذه الدنيا لا يحترق احتراق الحطب؛ ولكنه يذوب ويسيل منه الصَّديد، فقال الله - عز وجل -: إنهم يحترقون في النار في الآخرة احتراق الحطب، لا احتراق الإنسان في الدنيا؛ لأنها أشدُّ بطشاً، وأسرع أخذاً، وأطول احتراقاً؛ وعلى هذا يخرج قوله: { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }: ليس كعذاب الدنيا أنه على الانقضاء والنفاد؛ ولكن على الدوام فيها والخلود أبد الآبدين؛ فنعوذ بالله منها. وقوله: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ }. قيل: كأشباه آل فرعون، وقيل: كعمل آل فرعون وكصنيعهم، وكله واحد، ثم يحتمل بعد هذا وجهين: يحتمل: صنيع هؤلاء وعملهم - كصنيع آل فرعون ومن كان قبلهم بموسى، في التكذيب والتعنت. ويحتمل بصنيع هؤلاء بما يلحقهم من العذاب بالتكذيب والتعنت؛ فألحق أولئك من العذاب بتكذيب الرسل، وتعنتهم عليهم. { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }: قد ذكرناه.