الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤمِنِينَ } * { إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } * { فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّكَ عَلَى ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } * { وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ } * { وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ }

قوله: { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } قوله: { أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } مقطوع من قوله: { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }؛ كأنه قال: { يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أي: يبين لهم، ثم قال على الاستئناف: { أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }.

وقال بعضهم: لا، ولكن هو موصول بعضه ببعض؛ { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ } أي: يبين على بني إسرائيل أكثر ما اختلفوا فيه.

فإن كان على ما يقول هذا، فهم بأنفسهم يبينون الاختلاف الذي هم فيه لا يحتاج إلى أن يبين القرآن الذي هم فيه يختلفون؛ إذ هم يبينون ما اختلفوا فيه.

ولكن تأويله - والله أعلم - إن هذا القرآن يبين لهم الحكم في أكثر ما يختلفون، أو يبين لهم الحق في أكثر ما يختلفون فيه.

وفي ظاهر الآية أنه يبين لهم أكثر الذي هم فيه يختلفون: أنه قد بقي شيء مما اختلفوا فيه لم يبين لهم؛ حيث قال: { أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ، لكن قوله: { أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } أي: يبين لهم ما فيه نص القرآن، ولم يبين لهم ما فيه دليل القرآن، أو يبين لهم ما فيه نص القرآن ولم يبين ما فيه سنة القرآن ونحوه، والله أعلم.

وقوله: { وَإِنَّهُ } أي: القرآن الذي ذكر، { لَهُدًى وَرَحْمَةٌ } أي: هدى ورحمة، أي: هدى من الضلالة لمن اتبعه في الدنيا وعمل به، ورحمة في دفع العذاب عنهم في الآخرة، فيكون هو هدى ورحمة لمن آمن به.

وقوله: { إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ }: حكمه: هو عدله؛ كأنه يقول: إن ربك يقضي بينهم بعدله، لا يجور ولا يظلم في الحكم والقضاء.

{ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ }: الذي لا يعجزه شيء، { ٱلْعَلِيمُ }: الذي لا يخفى عليه شيء؛ عزيز بذاته عالم بذاته.

وقوله: { فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } أي: توكل على الله واعتمد عليه، ولا تخف مكرهم وما يريدون ويقصدون أن يكيدوا بك؛ كقوله:وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [المائدة: 67] وقوله: { إِنَّكَ عَلَى ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ }؛ لأن معك حججا وبراهين، وليس مع أولئك حجج وبراهين، وإن كان كل منهم يقول: إنا على الحق، فأنت على الحق المبين لا هم؛ لأن معك حججا وبراهين؛ فالذي أنت عليه حق، وإن الذي هم عليه باطل ليس بحق.

وقوله: { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ }: قال بعض أهل التأويل: " بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى يوم بدر: " يا فلان ويا فلان - وهم قتلى بعدما أمر أن يجمعوا في قليب - هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟! ألم تكذبوا نبيكم وتكفروا بربكم وتقطعوا أرحامكم "

السابقالتالي
2 3