الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ } * { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } * { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } * { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } * { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } * { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } * { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } * { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } * { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ }: السرى: سير الليل، وهو ما قال في آية أخرى:فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } [الدخان: 23]، أي: يتبعكم فرعون وقومه.

وقوله: { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } أي: أرسل في المدائن من يحشر الجنود والعساكر.

وقالوا: { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ } يعنون: أصحاب موسى { لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } قال بعضهم: الشرذمة: الجماعة العصابة، أي: عصابة قليلة.

وقال بعضهم: { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } أي: طائفة قليلة.

{ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ }: في الحلي الذي استعاروه منا، أي: ذهبوا به، مغايظة لنا.

وقال بعضهم: { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } بما فعلنا بهم من قتل أولادهم، واستحيائهم نساءهم، ورجالهم يفعلون بنا ما فعلنا بهم إن ظفروا.

وقوله: { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ }: وحذرون: قال بعضهم: من الحذر.

وقال بعضهم: { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } أي: مؤدون، أي: مقوون، أي: معنا أداة أصحاب الحرب، والمقوي: الذي دابته قوية.

وقال بعضهم: حاذرون، أي: مستعدون للحرب.

وقال بعضهم: { حَاذِرُونَ } لما حدث لهم من الخوف، والحذر للحال حذر المعاودة، أي: حذروا أن يعودوا إليهم، وحذرون أي: كنا لم نزل منهم على حذر.

وقال أبو معاذ: حاذرون: مؤدون من الأداة، أي: تام السلاح.

وفي خروج موسى ببني إسرائيل مع كثرتهم على ما ذكر أنهم كانوا ستمائة ألف فصاعداً من غير أن علم القبط بذلك - آية عظيمة؛ إذ لا يقدر نفر الخروج من محلة أو ناحية إلا ويعلم أهلها بخروجهم، ففي ذلك كان آية عظيمة؛ حيث خرجوا من بينهم من غير أن علم أحد منهم بذلك.

وقوله: { فَأَخْرَجْنَاهُمْ } يعني: فرعون وقومه، { مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } أي: حسن، { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } أي: تبع فرعون وقومه حين شرقت الشمس أي: طلعت - ومشرقين أي: كانوا في الشمس، أي: قوم موسى صاروا في الشمس، يقال: أشرقنا إذا صاروا فيها.

وقوله: { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ }: جمع موسى وجمع فرعون، أي: إذا تراءى بعضهم بعضاً، { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } قال موسى { كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }: كان قوم موسى لم يعلموا بالبشارة التي بشرها الله موسى أنهم لا يدركون، وهو ما قال:لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ } [طه: 77] أي: لا تخاف دركهم ولا تخشى فرعون وقومه؛ لذلك قالوا: { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } وكانت البشارة لهم لا لموسى خاصة، يدل لذلك قول موسى: { كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } على أثر قولهم: { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } أي: كلا إنهم لا يدركونكم.

وقوله: { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ } أي: انشق؛ وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود: { فانشق }.

{ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } أي: كالجبل العظيم، [والطَّوْد] والطور واحد، وأطواد جماعة.

السابقالتالي
2