الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } * { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } * { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

وقد ذكرنا وجه النهي لرسول الله في قوله: { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } وأمثاله، والله أعلم.

وقوله: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ }: روي عن أبي هريرة قال: " لما نزلت هذه الآية: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فخص وعم فقال: " يا معشر قريش، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإني لا أملك لكم من الله نفعاً ولا ضرّاً، يا معشر بني قصي، أنقذوا أنفسكم من النار؛ فإنى لا أملك لكم من الله ضرّاً ولا نفعاً، وقال: يا معشر بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار لا أملك [لكم] من الله ضرّاً ولا نفعاً "؛ وكذلك قال لبني عبد المطلب، وقال لفاطمة ابنته: " يا فاطمة بنت محمد، أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملك لك من الله ضرّاً ولا نفعاً، ولكن لك رحم سأبُلُّها ببلالها " أي: بأصلها.

وفي بعض الأخبار: أنه قال عند نزول هذه الآية: " إني أرسلت إلى الناس عامة، وأرسلت إليكم با بني هاشم وبني عبد المطلب خاصة " ، وهم الأقربون وهما أخوان ابنا عبد مناف.

وعن الحسن قال: " ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع أهل بيته قبل موته فقال: " ألا إن لي عملي ولكم عملكم، ألا إني لا أملك لكم من الله شيئاً، ألا إن أوليائي منكم المتقون، ألا لا أعرفنكم يوم القيامة تأتونني بالدنيا تحملونها على رقابكم، ويأتيني الناس بالآخرة ".

وعن قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات ليلة على الصفا يفخذ عشيرته فخذا فخذا يدعوهم إلى الله، قال في ذلك المشركون. لقد بات هذا الرجل يهوِّت منذ الليلة. يقول يصيح؛ فأنزل الله في ذلك:قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ } الآية [سبأ: 46].

ومعنى التخصيص في إنذاره عشيرته في هذه الآية يحتمل وجهين - وإن كانوا داخلين في جملة إنذار الناس جميعاً في قوله:لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } [الفرقان: 1] إذ هم من العالمين -:

أحدهما: جائز أن يكونوا هم يطمعون شفاعة رسول الله يوم القيامة، وإن لم يطيعوه ولم يجيبوه إلى ما يدعوهم إليه؛ على ما روي عنه أنه قال: " كل نسب وسبب منقطع يومئذ إلا نسبي وسببي " ، فيشبه أن يكونوا يطمعون شفاعته يومئذ - وإن خالفوه بحق القرابة والوصلة - ما لا يطمع ذلك غيرهم من الناس إلا بالطاعة والإجابة، فأمره أن ينذرهم؛ لئلا يكلوا إلى شفاعته، ولكن احتالوا حيلتهم بالطاعة والعمل لما يأمر، وهو ما ذكر في الأخبار التي ذكرنا: " إني لا أملك لكم من الله نفعاً ولا ضرّاً، ألا إن أوليائي منكم المتقون "

السابقالتالي
2