الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } * { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قوله تعالى: { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }.

فقالوا: لله، لم يجدوا بدّاً من أن يقولوا: لله وأن يقروا؛ لأنهم لو أنكروا ذلك لظهر جهلهم عند كل الخلائق؛ فقالوا: لله؛ فيقول: فإذا عرفتم أن ذلك كله له، وهو خالقهم، فكيف تركتم طاعته، وأنا لست أدعوكم إلا إلى ذلك: أن تجعلوا الأرض وما فيها كله لله؛ أفلا تتعظون وتقرون بما أدعوكم إليه؛ وعلى ذلك قوله: { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } لا بد لهم من أن يقروا بذلك، فإذا عرفتم بذلك وأقررتم به: { أَفَلاَ تَتَّقُونَ }: مخالفته، وتتقون نقمته.

وكذلك ما قال: { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }.

فإذا عرفتم ذلك، وأقررتم به، { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ }:

قيل: فأنى تصرفون عن ذلك.

وقال بعضهم: فأنى تخدعون وتفرون في ذلك؛ إذا عرفتم أن ذلك كله لله.

وجائز أن يكون قوله: { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ }: رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: إنه ساحر كذاب، وهو ليس يدعوكم إلا إلى ما أقررتم واعترفتم به؛ فأنى تنسبونه إلى السحر، والله أعلم.

وقوله: { مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }: قد ذكرناه فيما تقدم.

قوله: { وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ }.

أي: هو يؤمن كل خائف، ولا يقدر أحد أن يؤمن من أخافه هو، وهو كقوله:وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ... } الآية [يونس: 107].

قال أبو عوسجة: قوله: { وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } ، أي: لا يمنع، { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } ، أي: لا يقدر أحد أن يمنع منه أحداً؛ { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } ، أي: تغرون وتخدعون، تقول: سحرت، أي: خدعت وغررت، وقال: تسحرون، أي: تخدعون وتصرفون عن هذا، وسمي السحر من هذا.

وقوله: { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ }.

قد ذكرنا أنه يحتمل وجوهاً:

أحدها: بالحق، أي: بوحدانية الله، وألوهيته، وتعاليه عن الشركاء والولد، وعما وصفوه.

أو أن يكون قوله: { بِٱلْحَقِّ } ، أي: بالقرآن الذي عرفوه أنه حق، وأنه من عند الله.

أو أن يريد { بِٱلْحَقِّ }: محمداً صلى لله عليه وسلم عرفوا أنه حق وأنه رسول الله إليهم.

أو أن يكون { بِٱلْحَقِّ } ما ذكر: من ذكرهم، وما فيه شرفهم ومنزلتهم.

و { بِٱلْحَقِّ } الذي يكون لله عليهم، وما لبعضهم على بعض من الحقوق، والله أعلم.

وقوله: { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.

في وصفهم ربهم ما وصفوه بما لا يليق وصفه به.

أو كاذبون [في قولهم بأن] القرآن مفترى مختلق من عند الله.

أو كاذبون في قولهم: بأنه ساحر، وأنه مجنون، وأنه ليس برسول؛ كذبوا في جميع ما أنكروا، والله أعلم.

وقوله: { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ }.

جائز أن يكون كل حرف من هذه الحروف موصولا بعضه ببعض لما تقدم.

السابقالتالي
2