الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ } * { فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } * { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ } * { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } * { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } * { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } * { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ } * { قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ } * { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ } * { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } * { قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ } * { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ }

قوله - عز وجل -: { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }.

قال الحسن وعامة أهل التأويل: إن قوله: { فَنَسِيَ } ، أي: ضيع وترك، ليس نسيان السهو؛ لأنه عوتب عليه وعوقب به، ولا يعاتب المرء على ما هو حقيقة السهو والنسيان؛ فدل أنه على التضييع والترك، ليس على النسيان والسهو، إلى هذا يذهب هؤلاء، لكن يقبح هذا أن يقال في آدم، أو في نبي من أنبيائه، أو في رسول من رسله - صلوات الله عليهم -: إنه ضيع، والنسيان عندنا على قسمين:

نسيان يكون عن غفلة منه وشغل، ما لولا ذلك الشغل منه والغفلة، لحفظه وذكره ولا ينساه، وجائز المعاتبة على هذا النسيان؛ إذ لو كان تكلف لكان لا ينساه ولا يقع فيه.

ونسيان آخر يقع فيه من غير سبب كان منه لا يملك دفعه، وذلك نسيان ما لا يعاتب عليه ولا يعاقب به، وهكذا الكلفة من الله تعالى والمحنة: أنه جائز أن يكلف ويمتحن من لا يعلم ولا يعقل الكلفة وقت تكليفه إياه بعد أن يحتمل عقله إدراك ذلك لو استعمله، فأما من كان عقله لا يحتمل إدراك ما كلفه وإن استعمله وأجهد نفسه فيه، فإنه لا يكلف ألبتة؛ فعلى ذلك النسيان الذي ذكر من آدم جائز أنه لو تكلف، حفظه وذكره؛ فإنما عوتب لذلك، والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }.

قال الحسن: أي: منعاً من الشيطان.

وقال بعضهم: حفظا لم يحفظ أمره.

وقال بعضهم: صبراً، ونحوه.

والعزم: حقيقة القصد والقطع على الشيء، وهو ضد النسيان الذي ذكر.

وقال بعضهم: العزم: هو المحافظة على أمر الله والتمسك به.

وقوله - عز وجل -: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ }.

أي: قال [بعضهم]: لولا قول أهل التأويل في سجود الملائكة لآدم إلى حقيقة السجود، وإلا جائز أن يصرف الأمر بالسجود إلى الخضوع له، والسجود: هو الخضوع؛ حيث قال:يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ } [البقرة: 33] وقد يؤمر الإنسان بالخضوع لمن يتعلم منه العلم.

وقوله تعالى: { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ }.

قال أهل التأويل: ليس شقاء الدين، ولكن تعب النفس والنصب في العمل.

وقوله - عز وجل -: { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ }.

أي: لا تصيبك الشمس.

وقوله - عز وجل -: { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ }.

أي: لا يفنى.

{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } قد ذكرنا هذا فيما تقدم.

قال أبو عوسجة: قوله:

السابقالتالي
2 3