الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } * { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤءٍ بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ }

قوله - عز وجل -: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }.

أي: قال الأتباع للرؤساء: ماذا أنزل ربكم؟ قال الرؤساء: أنزل أساطير الأولين، [أو يخرج على الإضمار، كأنهم قالوا لهم: ماذا يقول إنه أنزل ربكم عليه؟ فقالوا عند ذلك: أساطير الأولين، وإلا لا يحتمل أن يكون ذكروا أساطير الأولين] جواب سؤالهم: ماذا أنزل ربكم؟ مفرداً؛ لأنهم كانوا يقرون بالله بقولهم:مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [الزمر: 3] وهؤلاء شفعاؤنا عند الله؛ فلا يحتمل أن يكونوا إذا سئلوا ماذا أنزل ربكم؛ فيقولون: أساطير الأولين إلا أن يكون في السؤال زيادة قول، أو في الجواب إضمار؛ فيكون - والله أعلم - كأنه قال: وإذا قيل لهم: ماذا يزعم هذا أنه أنزل عليه ربكم؟ قالوا عند ذلك: إنه يقول: أساطير الأولين؛ كقوله:وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ } [الحجر: 6] أي: قالوا: يا أيها الذي يزعم أنه نزل عليه الذكر.

أو يكون قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } فقالوا: لم ينزل الله شيئاً إنما يقول أساطير الأولين، ومثل هذا يحتمل أن يكون.

وقوله: { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } قال أبو عوسجة: أحاديث الأولين والواحد أسطور، وهي الأحاديث المختلقة؛ كقوله:إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } [ص: 7]؛ أي: لا أصل له؛ وأصله الكذب. وهكذا عادة أولئك الكفرة يقولون للأنباء: أساطير الأولين، وكانوا ينسبون ما يقرأ عليهم إلى السحر، ولو كان في الحقيقة سحراً أو أحاديث الأولين كان دليلا له. أو قالوا ذلك على الاستهزاء [له]، وذلك جائز أن يخرج قولهم ذلك على الاستهزاء. والله أعلم.

وقوله - عز وجل -: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ }.

هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: [أنه يحتمل:] أنهم يحملون أوزارهم كاملة؛ يعني الذين قالوا للرسل: أساطير الأولين، ومن أوزار الذين يقلدون رسلهم، ووفدهم الذين بعثوا عن السؤال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحملوا أوزار أنفسهم؛ وأوزار [الرسل وأوزار] الذين يقلدون الرسل ويقتدون بهم بغير علم؛ لأنهم لم يعلموا أن أولئك يقتدون بالرسل فيضلون، وهم وإن لم يعلموا فذلك عليهم؛ لأنهم هم الذين سنوا ذلك؛ وهو كما روي: " من سَنَّ سنّة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " ويحتمل: ليحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين طمعوا الإسلام؛ إذا أسلموا سقط تلك الأوزار عنهم. وقوله: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ }: هم لم يفعلوا ما فعلوا ليحملوا أوزارهم، ولكن معناه - والله أعلم - أي: ليصيروا حاملين لأوزارهم والذين أضلّوهم.

وقوله - عز وجل -: { بِغَيْرِ عِلْمٍ } يحتمل { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي: بسفه.

{ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } أي: ساء ما يحملون.

السابقالتالي
2 3