الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } * { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ } * { قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } * { قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } * { قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } * { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ } * { قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ }

قوله - عز وجل -: { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ }.

هذا يحتمل وجهين:

يحتمل أنهم لما دخلوا البلد الذي فيه دعا يوسف أخاه وحن إليه ويحتمل أنهم دخلوا جميعاً على يوسف؛ فضم أخاه إلى نفسه؛ فقال: إني أنا أخوك.

قال بعضهم أهل التأويل لم يقل [له]: أنا أخوك: بالنسبة؛ ولكنه قال: أنا أخوك: مكان أخيك الهالك.

وقوله - عز وجل -: { فَلاَ تَبْتَئِسْ }.

يقول: لا تحزن.

{ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون }.

هذا يحتمل وجهين:

يحتمل: لا تبتئس بما كان عمل إخوتك؛ كأنه لما دعاه فضمه إلى نفسه - شكا إليه من إخوته؛ فقال عند ذلك: { فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

ويحتمل: [فلا] تبتئس بما يعمل بك هؤلاء؛ أي: خدمه وعماله، كأنه أخبره بما كان يريد أن يكيد بهم؛ من جعل الصاع في رحله؛ فقال: { فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } بك؛ لأنه لا يجوز أن يجعل أخاه متهماً، يقرف به من غير أن ظهر منه شيء؛ وقد أخبره أنه أخوه. والله أعلم.

دلَّ أنه أراد أن يعْلمه ما يريد أن يكيد بهم؛ ليكون هو على علم من ذلك. [وقوله - عز وجل -: { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } هو ما يهيأ للخروج؛ ولذلك يقال لمتاع المرأة: جهاز]

وقوله: - عز وجل -: { جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ }.

السقاية: قيل: هي الإناء الذي كان يشرب فيه الملك، وقيل: هو الصاع الذي كان يكال به الطعام؛ ولكن لا نعلم ما كان ذلك سوى أنا نعلم أنها كانت ذات قيمة وثمن؛ ألا ترى أن ذلك الرسول قال: { وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } فلولا أنها كانت ذات قيمة وثمن وإلا لم يعط لمن جاء به حمل بعير الطعام، وكان قيمة الطعام عندهم في ذلك الوقت ما كان.

{ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ }.

أي: نادى مناد: { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }.

لا يحتمل أن يكون يوسف يأمر رسوله أن يقول لهم: { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }؛ وقد علم أنهم ليسوا بسارقين، ولكن قال لهم ذلك المنادي الذي ناداه - والله أعلم -: { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } من نفسه، وهو من بعض من يتولى كيل الطعام على الناس، وأمثاله لا يبالون الكذب [أو قال] لهم ذلك قوم كانوا بحضرتهم: { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ }. أو أن يكون على الاستفهام والتقرير. فإن كان [هذا] - فهو يحتمل من يوسف؛ وأما غيره فلا؛ لأنه كذب.

وضم يوسف أخاه يحتمل وجهين:

يحتمل لمكان سؤاله إياهم أن يأتوا به، أو لمكان فضله ومنزلته ليعلموا أن ما كان ليوسف وأخيه عند أبيهم من فضل المحبة والمنزلة من الله؛ إذ جعل ذلك لهما عند الملك وغيره.

السابقالتالي
2 3 4