الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } * { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ } * { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } * { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

قوله - عز وجل -: { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ } يعني: يوسف [فلما جاءه الرسول، قال: { ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ }: فيه دلالة أن قول يوسف] للرجل.

{ ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ }.

إنما طلب بذلك براءة نفسه فيما اتهم به، ليس كما قال أهل التأويل؛ لأنه لو كان غير ذلك لكان لا يرد الرسول إليه ولكنه خرج والله أعلم.

وقوله: { فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ }.

يحتمل هذا من وجهين:

أحدهما: أَهُنَّ على كيدهن بعدُ، أم رجعن عن ذلك؟

والثاني: ليعلم الملك براءته مما قرف به واتهم. [ليظهر عنده أنه كان بريئاً مما قرف به واتهم].

وقوله - عز وجل -: { إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ }.

إنهن كدن ثم قال لهن الملك: { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } هذا يدل أن الملك قد علم أنهن راودن يوسف عن نفسه؛ لأنه قال: { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ } ولم يقل لهن: أراودتن أم لا؟ ولكنه قطع القول فيه.

وقوله - عز وجل -: { قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ }.

بدأ بهن حتى أقررن أنه كان بريئاً ما قرف به واتهم، ثم أقرت امرأة الملك بعد ذلك لما أقر النسوة؛ فقالت:

{ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ }.

قيل: الآن تبين الحق وتحقق.

{ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } في قوله:هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } [يوسف: 26].

وقوله: { مَا خَطْبُكُنَّ } ما شأنكن وأمركن، والخطب: الشأن، وراودتن: قد ذكرناه.

وقوله: { قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ }.

قيل: معاذ الله، وقيل: هي كلمة تنزيه وتبرئة من القبيح.

وقوله: { مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ }.

قال أهل التأويل: الزنا، ولكن قوله: { مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ } هو السوء الذي قالت،مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا } [يوسف: 25] هو ذلك السوء قالت إنه أراده بها قلن ما علمنا منه ذلك.

وقوله: { حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ }.

قد ذكرناه أنه تبين وتحقق.

وفي قوله: { مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ }.

دلالة أن لم يكن منه ما قاله [أهل] التأويل من حلّ السراويل وغيره؛ لأنه لو كان منه ذلك لكُنّ قد علمن منه السوء.

وقوله - عز وجل -: { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ }.

قوله: ذلك الرد الذي كان منه وترك الإجابة لرسول الملك؛ حيث قال: { ٱئْتُونِي بِهِ } ليعلم الملك أني لم أخنه بالغيب؛ في أهله إذا غاب عني؛ ردّاً لقولها: { مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا } وتصديقاً لقوله؛ حيث قال:هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } [يوسف: 26].

وقال بعض أهل التأويل: ذلك ليعلم الله أني لم أخنه؛ يعني الزوج بالغيب، لكن هذا بعيد، إنه قد علم يوسف أن الله قد علم أنه لم يخنه بالغيب.

السابقالتالي
2 3