الرئيسية - التفاسير


* تفسير تأويلات أهل السنة/ الماتريدي (ت 333هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

قوله - عز وجل -: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }:

ذكر أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسب الله تعالى.

وقيل: عن صفته.

وقيل عن الله تعالى: ما هو؟.

فنزلت هذه السورة معلمة بجميع من يُسأل عنه [و] جوابه؛ ولذلك أثبت { قُلْ }؛ ليكون مخاطبة كل مسئول عن ذلك أن قل، لا على تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر؛ إذ ليس في حق الائتمار بالأمر إعادة حرف الأمر في الائتمار؛ فتبين بذلك أنه ليس على تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعليم، بل هو أحق من سبق له الغناء عن تعليم الإجابة لهذا عند حضرة هذا السؤال، كما سبقت منه الدعوة إلى الله - تعالى - بحقيقة ما يقتضي ما جرى به السؤال، وكما أثبت كذلك؛ ليقرأه أبدا، وحق المخصوص بالأمر أن يأتمر، ولا يجعل ذلك متلوا كذلك في الوقت الذي يحتمل المأمور الأمر به، والوقت الذي لا يحتمل؛ فثبت أن ذلك على ما بينا، ودل قوله: { قُلْ }: أنه على أمر سبق عنه السؤال؛ فيكون في ذلك إجابة لما سبق عنه السؤال، وكذلك جميع ما في القرآن { قُلْ } ففيه أحد أمرين:

إما إجابة عن أمر سبق عنه السؤال؛ فينزل بحق تعريف كل مسئول عن مثله.

أو يكون الله - تعالى - إذ علم أنه - عليه السلام - أو من يتبعه يسأل عما يقتضي ذلك الجواب؛ فأنزل ما به يبقى في أهل التوحيد؛ منا منه وفضلا.

ثم لم يجب تحقيق الحرف الذي وقع عنه السؤال إلا لمن شهد وسمع، وقد يتوجه ذلك [الحرف الذي وقع عنه] إلى ما ذكروا من الأسباب وغيرها، وفيما نزل يصلح جواب ذلك كله ويليق به، وإن كنا لا نشهد على حقيقة ما كان أنه ذا، دون ذا ونجيب بذلك لو سئلنا عما ذكرنا، وعن كل حرف يصح في العقل والحكمة الجواب بمثل ما اقتضته هذه السورة.

[و] قوله - عز وجل -: { هُوَ }:

اختلف في تأويله:

من الناس من قال: هو إضافة إلى الذي عنه كان - أو يكون - السؤال المقتضي ما جرى به البيان من الجواب، أي: الذي يسألون عنه: { ٱللَّهُ أَحَدٌ * ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } إلى آخر السورة.

ومنهم من قال: هو اسم الله الأكبر، يروى ذلك عن بعض أولاد [علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم -] أنه كان يقول في دعائه: " يا هو، يا من لا هو إلا هو، يا من به كانت هوية كل هو " ، وذلك يخرج على وجهين:

أحدهما: أنه هو لذاته هوية كل من سواه؛ لما هو يكون محتملا للتلاشي والوجود، إلا هو سبحانه لم يزل ولا يزال هو

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8