الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ }؛ أي فرحَ المخلَّفون عن غزوةِ تبوك بقعُودِهم لمخالفةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل بقعودِهم عن الجهاد بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقرأ عمرُو بن ميمون (خَلْفَ رَسُولِ اللهِ) والمخَلَّفُ ما يتركُ الإنسان خَلْفَهُ، والمتخلِّفُ الذي يتأخَّرُ بنفسه، والخلافُ قد يكون بمعنى المخالَفةِ؛ وقد يكون بمعنَى خلَف، كما في قولهِ تعالى:وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً } [الاسراء: 76]، ويقرأ خلافَك على المعنَيين. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }؛ أي كَرِهُوا أن يقاتِلُوا المشرِكين مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بأموالِهم وأنفُسِهم.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ }؛ أي قالَ بعضُهم: لا تخرجُوا فإن الحرَّ شديدٌ والسفرَ بعيدٌ، وكانوا يُدعَون إلى غزوةِ تبوك في وقتِ نُضْجِ الرُّطَب وهو أشدُّ ما يكون من الحرِّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً }؛ أي قُلْ لَهم نارُ جهنَّم التي استحقُّوها بتركِ الخروج الى الجهاد أشدُّ حَرّاً من هذا الحرِّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }؛ أي لو كانوا يفقَهُون أوامرَ اللهِ ووعدَهُ ووعيدَه.