الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }؛ أي أعقَبَهم ببخلُهم نفاقاً في قلوبهم إلى يومِ جَزَاءِ البُخلِ. وَقِِيْلَ: معناهُ: فجازَاهم ببُخلهِم نِفَاقاً في قُلوبهم بما أخلَفُوا اللهَ؛ أي بإخلافِهم بما وَعَدُوا من التصدُّق وكذِبهم فيما قالوا. وقال الحسنُ: (مَعْنَاهُ: أوْرَثَهُمْ اللهُ النِّفَاقَ فِي قُلُوبهِمْ بأَنْ حَرَمَهُمُ التَّوْبَةَ كَمَا حَرَمَ إبْلِيسَ). قالوا: وإنَّما أرادَ اللهُ بهذا بأنَّ اللهَ تعالى دلَّنا على أنه لا يتوبُ، كما دلَّنا حالُ إبليس لأنه لا يتوبٌ؛ لأن اللهَ سَلَبَ عنه قدرةَ التوبةِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ } معناهُ على قول الحسنِ وقتادة: (إلَى يَوْمِ يَلْقَونَ اللهَ) أي يلقَون اليومَ الذي لا يملكُ فيه الحكمَ والضرَّ والنفعَ إلا اللهَ، وفي هذه الآيةِ دلالةٌ على أن مَن نَذرَ نذراً فيه قربةٌ يجوز أن يقولَ: إنْ رزقَني اللهُ ألفَ درهمٍ فعليَّ أنْ أتصدَّقَ بخمسمائةٍ لَزِمَهُ الوفاءُ به، وفيها دلالةُ جواز تعليق النذر بالشَّرط نحوَ أن يقولَ: إنْ قَدِمَ فلانٌ فلِلَّهِ علَيَّ صيامٌ وصدقة، وإن ملَكتُ عَبْداً، أو هذا العبدَ فعلَيَّ أنْ أعتِقَهُ، وعن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإنْ صَلَّى وَصَامَ: مَنْ إذا حَدَّثَ كَذبَ، وَإذا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإذا عَاهَدَ غَدَرَ ".