قَوْلُهُ تَعَالَى: { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً }؛ أي وعدَ اللهُ أهلَ زمانِكم على الكفرِ والنِّفاق نارَ جهنَّم، كما وعدَ الذين من قبلِكم كانوا أشدَّ منكم قوَّةً في البَدَن وأكثرَ أموالاً وأولاداً، { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ }؛ فانتفَعُوا بنصيبهم وحظِّهم في الدُّنيا، ولم ينفَعْهم ذلكَ حين نزلَ بهم عذاب الله، فكذلك أنتُم، والْخَلاَقُ هو النصيبُ من الخيرِ. وقولهُ تعالى: { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ }؛ أي فاستمتَعتُم أنتم بنصيبكم من الدُّنيا وخُضتم فيها، { وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ }؛ أي خُضتم في الكفرِ والاستهزاء بالمؤمنين كما خاضَ الأوَّلون. وقولهُ تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ }؛ أي أهلُ هذه الصِّفة حَبطَتْ أعمالُهم التي عَمِلوها على جهةِ البرِّ مثلُ الإنفاقِ في وجُوهِ الخيرِ ومثلُ صِلَةِ الرَّحمِ حَبطَتْ، { فِي ٱلدنْيَا }؛ حتى لا يستحقُّوا بها الإكرامَ والتعظيمَ في الدُّنيا، وَحَبطَتْ في، { وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }؛ الذين خَسِروا أنفُسَهم وأهلِيهم يومَ القيامةِ، والْخُسْرَانُ هو ذهابُ رأسِ المال من دون أصلهِ.