الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ }؛ أي مِن المنافقين من يَعِيبُكَ في الصَّدقات، { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا }؛ الصدقةَ مقدارَ مُرادِهم، { رَضُواْ }؛ بالقسمةِ، { وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا }؛ لا يَرضُون بالقسمةِ.

نزلَتْ هذه الآيةُ في أبي الجوَّاظ وغيرهُ من اللمَّازِينَ من المنافقين، كما رُوي " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَقِسمُ الصدقاتِ فقال أبو الجوَّاظ: ما ترَون صاحِبَكم يقسمُ صدقاتِكم في رُعاة الغنمِ، فقال صلى الله عليه وسلم: " لاَ أبَا لَكَ، أمَا كَانَ مُوسَى عليه السلام رَاعِياً! أمَا كَانَ دَاوُدُ عليه السلام رَاعِياً! " فذهبَ أبو الجوَّاظ، فقالَ صلى الله عليه وسلم: " احْذَرُوا هَذَا وَأصْحَابَهُ " فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ.

وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: " كَانَ رَسُولُ اللهِ يَقْسِمُ قَسْماً إذ جَاءَهُ ابْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: " وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إذا لَمْ أعْدِلْ؟! " فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " دَعْهُ فَإنَّ لَهُ أصْحَاباً يَحْتَقِرُ أحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِ وَصَوْمَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرَقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ ".

قرأ الحسنُ ويعقوب (يَلْمُزُكَ) بضمِّ الميم، وقرأ الأعمش (يُلَمِّزُكَ) بضم الياء وتشديدِ الميم، يقالُ: لَمَزَهُ وَهَمَزَهُ إذا أعابَهُ، ورجلٌ هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ، وقال عطاءُ: (مَعْنَى يَلْمِزُكَ أيْ يَغْتَابُكَ). قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }؛ قرأ إيادُ بنُ لَقيط (إذَا هُمْ سَاخِطُونَ).