الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ } * { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً }؛ أي لو أرادَ اللهُ لهم الخروجَ معك إلى العدوِّ لاتَّخَذُوا له أُهبَةً، { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ }؛ أي لكن لمْ يُرِدِ اللهُ خروجَهم معك، لأنَّهم لو خرَجُوا لكان يقعُ خروجُهم على وجهِ الإضرار بالمسلمين وذلك كفرٌ ومعصية.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَثَبَّطَهُمْ }؛ أي حَبَسَهم، يقالُ: ثَبَّطَهُ عن الأمرِ إذا حَبَسَهُ عنه، { وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ }؛ أي اقعدُوا مع النِّساء والصبيان. ويجوز أن يكون القائلُ لَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأمر الله، ويجوزُ أن يكون قد قالَ بعضُهم لبعضٍ. وَقِيْلَ: قال لَهم الشيطانُ وَوَسْوَسَ لَهم.

ثم بيَّن اللهُ أن لا منفعةَ للمسلمين في خروجِهم، بل عليهم مضرَّة لهم، فقال تعالى: { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً }؛ أي لو خرَجُوا فيكم ما زادوكم الا شَرّاً وفَسَاداً. قَوْلُهُ تَعَالَى: { ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ }؛ أي لأسرَعوا فيما بينِكم، { يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ }؛ أي يطلُبون فسادَ الرأي وعيوبَ المسلمين، ويقالُ: سارُوا فيكم بالنميمة، والإِيْضَاعُ: الإسراعُ في السَّيرِ، يقالُ: أوْضَعَ البعيرَ إيْضَاعاً.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ }؛ أي وفِيكم قائِلون منهم ما يسمعَون منهم، ويقالُ: في عَسْكَرِكُم عيونٌ لهم ينقُلون إليهم ما يسمَعون عنكم، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }؛ يُجازيهم على سوءِ أفعالهم.