الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً }؛ أي لا تُصَلِّ في مسجدِ هؤلاء المنافقين أبداً، { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ }؛ يعني مسجدَ قُباء أُسِّسَ لوجهِ الله منذ أوَّلِ يوم بُنِيَ، ويقال: هو مسجدُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن تصلِّي فيه، ولا يمتنعُ أن يكون المرادُ المسجدِ الذي أُسِّسَ على التَّقوَى كِلاَ المسجدَين، مسجدُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومسجد قُبَاءٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ }؛ في مسجدِ قُبَاءٍ رجالٌ يُحِبُّونَ أن يتطهَّرُوا. قال الحسنُ: (مَعْنَاهُ يَتَطَهَّرُونَ مِنَ الذُّنُوب بالتَّوْبَةِ).

والمشهورُ أن المرادَ بالتطهيرِ في هذه الآيةِ الاستنجاءُ بالماء كما رُوي: " أنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ببَاب قِبَاءٍ وَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ إنَّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ قَدْ أحسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْكُمْ فِي طُهُورِكُمْ، فَبمَ تَطَّهَّرُونَ؟ " قَالُوا: إنَّا نُتْبعُ الأَحْجَارَ بالْمَاءِ؛ أي نستجمرُ بالحجرِ ثم نستنجي بالماءِ، فقرأ عليهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذه الآيةَ، وسَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم الاستنجاءَ بالماءِ " قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }؛ أي أثنَى على المطَّهَّرين من الذُّنوب، والمتطهِّرين بالماءِ من الأدناسِ.