الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ }؛ أي ومِن حولِ مَدينَتِكم من الأعراب مُنافقون، قِيْلَ: إنَّهم مُزَينَةُ وجُهَيْنَةُ. وقولهُ تعالى: { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ }؛ أي ومِن أهلِ مَدينتكم مُنافقون. قَوْلُهُ تَعَالَى: { مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } أي أقاموا وثَبَتُوا على النفاقِ، { لاَ تَعْلَمُهُمْ }؛ يا مُحَمَّدُ بأعيانِهم، { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ }؛ ونعلمُ نِفَاقَهم، { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ }؛ أرادَ العذابَ الأول الفَضِيحَةَ والإخراجَ من المسجدِ، والعذابَ الثاني عذابَ القبرِ.

رُوي " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ خَطِيباً يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: " يَا فُلاَنُ أُخْرُجْ فَإنَّكَ مُنَافِقٌ، يَا فُلاَنُ أُخْرُجْ فَإنَّكَ مُنَافِقٌ " فَأخْرَجَهُمْ بأسْمَائِهِمْ. وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه لَمْ يَشْهَدِ الْجُمُعَةَ لِحَاجَةٍ لَهُ، فَلَقِيَهُمْ وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاخَْتَبَأَ عَنْهُمْ اسْتِحْيَاءً؛ لأنَّهُ لَمْ يَشْهَدِ الْجُمُعَةَ، وَظَنَّ النَّاسُ قَدِ انْصَرَفُواْ، وَاخْتَبَؤُا هُمْ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَظَنُّوا أنْ قَدْ عَلِمَ بأَمْرِهِمْ. فَدَخَلَ عُمَرُ الْمَسْجِدَ وإذَا هُوَ بالنَّاسِ لَمْ يُصَلُّوا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا عُمَرُ قَدْ فَضَحَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ ".

وقال الحسنُ: (أرَادَ بالْعَذاب الأَوَّلِ السَّبْيَ وَالْقَتْلَ، وَبالثَّانِي عَذابَ الْقَبْرِ)، وقولهُ تعالى: { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ }؛ أرادَ به عذابَ جهنَّم.